مساهل لمجلة "أرابيز"

مأساة الإرهاب فُرضت علينا وكنّا.. "وحدنا"

مأساة الإرهاب فُرضت علينا وكنّا.. "وحدنا"
  • القراءات: 806
 ق/و ق/و

أكد وزير الشؤون المغاربية والإفريقية وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، أن التزام الجزائر بمكافحة الإرهاب هو التزام لصالح تكثيف التعاون الثنائي والإقليمي والدولي وهو التزام دون تحفظ، معربا عن أمل الحكومة والشعب الجزائريين في أن لا يعرف أي بلد المأساة التي عاشتها الجزائر وهذا لا يتحقق إلا بتجسيد هذا التعاون. 

وأوضح مساهل في حديث للمجلة الشهرية "أرابيز" التي خصصت عددا للجزائر يقول إن الانتصار الذي حققته الجزائر على الإرهاب هو دافع آخر للبقاء منتبهين لما يجري في محيطنا الجيوسياسي القريب والبعيد أيضا. 

ولهذا الغرض فإن الأولوية يجب أو تولى دوما على الصعيد الداخلي للمستوى العالي ليقظة السكان ومصالح الأمن وعلى الصعيد الخارجي لتكثيف التعاون في ميادين مختلفة مع أكبر عدد من الشركاء من بلدان ومنظمات إقليمية ودولية. 

وبعد التذكير بعشرية الإرهاب الأليمة في الجزائر وبالحصيلة البشرية الثقيلة والتخريب الواسع النطاق للاقتصاد والمقدر بالملايير، أشار مساهل إلى جهود الجزائر المتواصلة في مجال مكافحة الإرهاب من خلال الانتشار المبكر على جميع الجبهات من خلال عدة مبادرات إقليمية ودولية تهدف إلى بروز استراتيجية وردود دولية لمواجهة هذا التهديد العالمي. 

كما حرص الوزير على التذكير بأن الجزائر شنت وحدها حربا على الإرهاب الوحش يفي ظرف عالمي تميز باللامبالاة وتوجيه اتهامات غير مؤسسة لقوات الأمن بخصوص مأساة فرضت على الشعب الجزائري من خلال هذا الشكل الجديد من الجريمة العابرة للأوطان والتي حققت أهدافها باستعمال الدين مشيرا إلى أن الثمن كان باهظا جدا. 

ولدى تطرقه لسياسة الجزائر في محاربة التطرف، أوضح مساهل أنها تشمل جميع قطاعات النشاط وأنها ليست محصورة في استرجاع وإعادة تأهيل ودمج الأشخاص المتورطين بمستويات متفاوتة في نشاطات مرتبطة بالإرهاب، موضحا أن الأمر يتعلق بمقاربة شاملة تتمثل في محاربة جميع عوامل التهميش والهشاشة المحتملة داخل المجتمع وهي مبنية على مسعى شامل على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعقائدي. وأشار أيضا إلى أن هذه الإستراتيجية تم الترويج لها وتنفيذها على مستوى مزدوج من طرف جميع مؤسسات الجمهورية وفي جميع قطاعات النشاط بدعم من منظمات المواطنة والمواطنين أنفسهم. 

كما أكد مساهل أنها تمثلت أيضا في دعم جهود الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن في محاربة الإرهاب من خلال مسعى يهدف إلى عزل الجماعات الإرهابية بتوفير آفاق للشباب الذين يمكن أن يستدرجهم الخطاب المتطرف وكذا لأولك الذين انجرفوا في المغامرة الإرهابية ثم قرروا التوبة والاندماج من جديد في المجتمع، مضيفا، من جهة أخرى، أن هذه الإستراتيجية تندرج ضمن الأمد الطويل من منطلق الوقاية من أسباب التطرف ومحاربتها ضمن مسعى  سياسي واجتماعي وثقافي شامل دائما. 

وخلص إلى القول أنها تقوم بالتالي على القناعة بأن الحل الأمني لا يمكنه لوحده الوقاية والقضاء على ظاهرة الإرهاب وأن استئصال هذه الظاهرة في التصرفات يستلزم أيضا وبشكل خاص مشاركة المواطن. 

وأوضح وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية  أن الجزائر تسعى في إطار المسعي التنظيمي الجديد للشأن الديني إلى تعزيز إسلام حوار وتفتح على العالم والعصرنة.  

وأضاف مساهل أن "الأمر (...) يتعلق بالرجوع إلى الإسلام التقليدي المبني على التسامح والأخوة مضيفا أن عمل الحكومة يهدف إلى تعزيز هذا الإسلام الذي يسود فيه الحوار والتفتح على العالم والعصرنة وكذا التصدي على المدى البعيد لصلب إيديولوجية الإرهاب". 

وأشار الوزير إلى اتخاذ مجموعة من التدابير على المدى الطويل لتحقيق هذا الهدف. مبرزا "تكوين الأئمة بما في ذلك النساء وعودة المسجد لمهمته الأصلية كمركز للإشعاع والاعتدال والتسامح وإضفاء طابع مركزي على الإفتاء وإعادة تأهيل الزوايا وتطوير خطاب مضاد يسعى إلى ترقية إسلام تسامح ويشجب التطرف الديني والسياسي وكذا استحداث مرصد للتطرف الديني وأكاديمية الفقه وهما قيد الانجاز".  

وأضاف مساهل أن "هذا المسعي التنظيمي الجديد للشأن الديني سيتوج بالبناء الجاري لمسجد الجزائر الكبير (جامع الجزائر) الذي سيكون بمثابة مركز إشعاع عالمي لإسلام التسامح والاعتدال"، مشيرا إلى أن الإستراتيجية الشاملة للحكومة "تهدف إلى وضع الدين الإسلامي إسلام أجدادنا وكذا شبابنا في منأى عن كل المناورات وأوجه الاستغلال لأغراض مسيئة للدين نفسه وللهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي واستقرار وأمن الوطن". 

ومن جهة أخرى، أكد الوزير أن الجزائر في تولي في إطار إستراتيجيتها لمحاربة التطرف "أهمية كبرى" للاتصال و«تعمل على مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية واستحداث هيئات ضبط".  

واعتبر أن دولة القانون والحكامة الرشيدة والعادلة الاجتماعية والديمقراطية التساهمية والشاملة واحترام وترقية حقوق الإنسان وكذا محاربة الآفات الاجتماعية "هي كلها عوامل تساهم في التصدي لتجذر الخطاب المتطرف ومكافحة الإرهاب"، مضيفا أن غياب الديمقراطية هو الذي "يسمح لمنطق الإقصاء و الخطاب الوحيد بفرض نفسه سيما عن طريق العنف والترهيب".