اختتام ندوة مسيرة الأمير عبد القادر بجامعة وهران

دعوة إلى دراسة مخطوط أفراد أسرته

دعوة إلى دراسة مخطوط أفراد أسرته
  • القراءات: 1252
 خ.نافع / ق. ث خ.نافع / ق. ث

 خرج المشاركون في أشغال الندوة الوطنية حول «شخصية الأمير عبد القادر الجزائري التصوف والعلم بين سنوات 1847 و1883» المنظمة مؤخرا من قبل مخبر التاريخ بكلية العلوم الإنسانية في جامعة وهران (1) «أحمد بن بلة»، بالعديد من التوصيات أهمها: طبع أعمال الندوة بعدد خاص من مجلة «عصور الجديدة» التي ستصدر في شهر جوان من السنة المقبلة، حسبما كشفه رئيس المخبر الدكتور عبد القادر بوباية، منظم الفعالية.

جاء في التوصيات أيضا، ضرورة الاهتمام بدور الأمير عبد القادر في العديد من المواضيع التاريخية المهمة، أبرزها حادثة قناة سويس، حيث كان له دور في اقتراح فكرة إنشائها، إلى جانب الدعوة إلى دراسة المخطوط الذي ألفه أفراد أسرة الأمير عبد القادر الذين رافقوه، على غرار محمد الكبير، سلطوا الضوء من خلاله على وضعية الأمير عبد القادر وحياته في مختلف السجون التي قبع بها بفرنسا، ثم رحلته إلى بلاد الشام، مرورا بتركيا، إضافة  إلى الدعوة في سبيل إحياء مثل هذه المناسبات الوطنية لتذكير الجيل الصاعد بالتاريخ الجزائري.

تناول المشاركون في هذه الندوة العلمية التي احتضنتها كلية العلوم الإنسانية بجامعة وهران، العديد من المداخلات التي سلطت الأضواء على الجوانب المنسية من حياة الأمير عبد القادر بين سنوات 1847 و1883، كما طالبوا بإعادة فهم ومراجعة مواقفه الفكرية وتأملاته وإبداعاته.

وفي هذا السياق، ذكّر الدكتور شعيب ميموني من جامعة معسكر في مداخلته، بشخصية الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، ومتزعم المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، بالإضافة إلى أنه شاعر متصوف وباحث في الفكر وفي العديد من القضايا المعرفية، حيث ترك تراثا ثريا ومؤلفات هامة، منها على وجه الخصوص كتاب «المواقف» في التصوف، ورسالة «ذكرى العاقل وتنبيه الغافل» الموجهة للفرنسيين.

كما للأمير قصائد شعرية ورسائل عديدة تناول فيها مختلف القضايا التي تبرز إبداعه ومكانته الأدبية والروحية. وسعى أيضا في العديد من المناسبات إلى تقريب الرؤى بين الشرق والغرب والدعوة إلى حوار الثقافات والديانات.

فيما سلط الدكتور شعيب مدموني من جامعة تلمسان، الضوء على الجوانب العسكرية والسياسية والإستراتيجية التي ميزت مسيرة الأمير عبد القادر الجزائري بين سنوات 1847- 1883، ومواقفه الفكرية والأدبية التي جعلت منه إنسانا متحررا متجاوبا مع عصره، وحاملا لمشروع إنساني تجاوز الحدود المحلية والقومية. مستشهدا بالدور الذي كان له في إصلاح ذات البين بين المسحيين في بلاد الشام.

في المقابل، أكد الكاتب والمؤرخ الأمريكي جون كايزر بالجزائر العاصمة على صفة «المجمّع» في شخصية الأمير عبد القادر التي تتجلى من خلال أفعاله وكتاباته التي كانت تدعو للحوار بين الحضارات والتعايش بين الأديان.  

تحدث جون كايزر في محاضرة نظمتها وزارة الثقافة في إطار فعاليات الاحتفال بالذكرى 184 لمبايعة الأمير عبد القادر، عن خصال وشخصية الأمير الذي اعتبره المتحدث: «عبرة وقدوة للإنسانية جمعاء»، مستشهدا بنجاحه في إطفاء نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في الشام سنة 1860 أثناء إقامته بدمشق، حيث عرف هناك بمشاركة بارزة في الحياة السياسية والعلمية.

وأبرز المتحدث أيضا في هذا اللقاء، مواقف الرجل التي كانت نابعة من إيمانه القوي الذي تجسد في تسامحه وتفتحه على حضارات وثقافات الآخرين، فكان طيلة وجوده بفرنسا، شغوفا بمعرفة أدق أمور وتفاصيل من حوله. 

أكد هذا الباحث الذي ألف عدة كتب عن حياة وشخصية الأمير، تأثره الكبير بهذه الشخصية الفذة، مشيرا إلى أن فكر وفلسفة الرجل الذي عرف، إلى جانب علمه وثقافته،  بذكاء وروح العدالة والتحكم في النفس، مما جعله(المحاضر) «يعيد ـ كما قال ـ النظر في علاقته بالدين وقراءة الإنجيل، وهو في الخمسين من العمر» .

دعا جون المفكرين والباحثين إلى قراءة مآثر الأمير والبحث في شخصيته للاستفادة من فكر هذا الرجل الذي كان له بعد «محلي» وآخر «عالمي»، يتميز بعمق ونضج فكري، إلى جانب كونه مؤمنا حقيقيا، حيث كانت عقيدته قاعدة انطلاقه إلى العالمية وتفتحه على الغير.

كما أشار إلى وجود اهتمام كبير بفكر ومواقف الأمير عبد القادر بأمريكا، حيث هناك الكثير من الكتب والدراسات حول مساره، وقد ساهم ذلك في جلب اهتمام جمعيات الطلبة بمعرفة المزيد عن هذه الشخصية. 

يذكر أن جون كايزر حضر إلى الجزائر للمشاركة في الاحتفالات بذكرى الـ184 من مبايعة الأمير عبد القادر التي جرت بمدينة معسكر رفقة وفد أمريكي من «بلدية القادر» بولاية «إيو»، إلى جانب ممثلين عن جمعية «القادر» التي تهتم بتراث مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة.