شكيب خليل أبدى تفاؤله في حوار لـ«النهار تي في»:

تخطينا المراحل الصعبة والأزمة وراءنا

تخطينا المراحل الصعبة  والأزمة وراءنا
  • القراءات: 977
 جميلة.أ جميلة.أ

توقع وزير الطاقة الأسبق السيد شكيب خليل استقرارا في سعر البترول في معدل 50 دولارا ونحو 60 نهاية العام القادم، مشيرا أن للجزائر الحظ في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها والعالم والتي قال إنها ظاهرة إيجابية فسحت المجال واسعا للتفكير وتغيير الأوضاع والسياسة الاقتصادية للبلاد وتبني نموذج اقتصادي متنوع مع أخذ مكانة في الاقتصاد الإفريقي. شكيب خليل الذي حملت تحليلاته المنطقية والموضوعية الكثير من التفاؤل لمستقبل الجزائر التي قال إنها تجاوزت المرحلة الصعبة وهي سنتي 2015 و2016، طالب بتوجيه الدعم إلى محتاجيه وتحويله إلى استثمارات عوض حصره في مجرد مساعدات لا مردود لها. وعن اجتماع فيينا المرتقب نهاية الشهر، أشار الخبير أن الدول مجبرة على الالتفاف حول اتفاق الجزائر الذي قال إنه لا بديل عنه.

رسم وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل صورة متفائلة عن مستقبل الجزائر في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها العالم جراء انهيار أسعار البترول التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الوطني القائم بالأساس على مداخيل المحروقات. شكيب خليل طمأن الجزائريين عامة أن مستقبلهم في الجزائر سيكون بخير وأن أصعب المراحل قد تم تجاوزها بسلام وهي 2015 و2016، فيما يحدو التفاؤل مستقبل الجزائر التي رمت بكامل ثقلها، إن على المستوى الداخلي أو على الصعيد الدولي الذي تلعب فيه الجزائر دورا فعّالا بمساعيها «لتصحيح مسار أسعار النفط» من خلال قرار اجتماع الجزائر.

الوزير الأسبق الذي طل سهرة أول أمس على قناة «النهار تي في»، بتحليلات دقيقة وشاملة للأوضاع الوطنية والدولية، قيّم تعامل الحكومة مع الأزمة «بالإيجابي»، مطالبا إياها بالعمل أكثر على استغلال الموارد البشرية والمادية، مشيرا إلى أن الدولة تستثمر أموالا كبيرة عن طريق الشركات العمومية التابعة لها وعليه يجب أن تكون المردودية أكبر ويجب تشجيع القطاع الخاص الأجنبي أو المحلي حتى لا يعيش تحت ظل الدولة وتشجيعه في الاستثمار في كل القطاعات.

شكيب خليل، ومن منطلق خبرته في الوزارة، طالب بضرورة اعتماد الحكومة على ما أسماه «التخطيط التأشيري» والذي يمكنها من تحديد الوجهة المراد اتخاذها بالتدقيق، بالإضافة إلى مطالبتها بحل مشاكل البنوك وإنشاء صناديق تمويل خاصة لتمويل السكن والمشاريع الصغيرة ومنه مساعدة القطاعات على التصدير مع اللعب على بعض التفاصيل المتعلقة بالضرائب والقروض والعلاقات الدبلوماسية التي تحسن علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الإفريقية التي قال إنها سوق واعد.

العدالة في الدعم ومراجعة القاعدة 49 /51

مشروع قانون المالية كان محل تعليق شكيب خليل الذي قال إنه يحمل الكثير من النقاط التي تشجع الاستثمار، غير أنه طالب بضرورة النظر إلى كل مشروع على حدة، على اعتبار أن لكل مشروع مردوديته.. كما دعا إلى مراجعة القاعدة 49 / 51 بما يضمن للدولة مداخيل وفائدة أكبر. وفي السياق، قال المتحدث إن لكل مشروع مردوديتة التي تتفاوت بين العالية والمتوسطة، وفي حال كانت عالية يجب أن تكون نسبة الدولة تقارب الـ80 بالمائة وفي حال مشاريع ذات مردودية منخفضة تكفيها نسبة أقل، وفي جميع الأحوال يجب أن ننظر - يضيف - إلى المشاريع بنظرة تشجع الاستثمار.

وعن اعتماد مشروع قانون المالية لسعر مرجعي بـ50 دولارا، قال السيد شكيب خليل إنه خيار لا بديل عنه. وعن سياسة الدعم، طالب المتحدث بالعدالة في الدعم وهي الغائبة ـ حسبه ـ في السياسات الحكومية المنتهجة في المجال، على اعتبار استفادة الميسورين منه إلى جانب المحتاجين، داعيا إلى ضرورة مساعدة الفقراء والمحتاجين أكثر .. وعليه اقترح توفير الأموال التي يستفيد منها الميسورين واستغلالها في استثمارات، مضيفا أن الدعم ـ كما هو- لا يخلق الثروة ولا يحقق مردودية، ويمكن توفير 10 ملايير دولار من أموال الدعم واستثمارها في مشاريع تخلق النمو الاقتصادي ومناصب الشغل..

وعن سياسة الدعم دائما التي لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد، اقترح الوزير الأسبق مراجعتها بالعودة إلى تجارب العديد من الدول التي تمكنت من حل الإشكال على غرار إيران التي نجحت في توجيه دعمها لمستحقيه، مضيفا أن ما بين 20 و30 دولة في نفس مستوى الجزائر خرجت من مشكل الدعم.

لا مفر من مقترح الجزائر في اجتماع فيينا

ملف الساعة ممثلا في اجتماع فيينا أخذ حيزا واسعا من التحليل والطرح. شكيب خليل ومن منطلق خبرته الكبيرة في السوق النفطي العالمي، عبّر عن تفاؤله الكبير لنتائج الاجتماع المتوقع نهاية الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه لا خيار أمام أعضاء منظمة «أوبك» سوى الالتفاف حول مقترح الجزائر بتخفيض الانتاج وضبط برنامج حصص لكل المنتجين، مذكرا باجتماع «أوبك» في وهران سنة 2008 والذي كان تاريخيا بحيث انتقلت أسعار النفط من 30 إلى 60 دولارا بعد التوصل إلى قرار خفض الانتاج إلى 4.5 ملايين برميل وهي كمية ضخمة.

شكيب خليل وبكثير من التفصيل قال إنه لايجب أن ننظر إلى السوق النفطية في 2017 على ضوء نتائج اجتماع فيينا المقبل، لأن العرض والطلب والفائض سيكون حوالي مليون برميل في اليوم سنة 2017 حتى في حال لم يحصل اتفاق، وهذا ما ستكون له انعكاسات وخيمة على الدول المنتجة، لاسيما على البلدان الكبرى كالسعودية، العراق وحتى روسيا وبشكل أقل في إيران التي نوعت اقتصادها وكانت تحت ضغط العقوبات لسنوات طويلة.. وهذا هو الضغط الذي سيكون على المنتجين في فيينا للوصول إلى اتفاقية تكون في مصلحة الدول المنتجة أولوية وتعمل على استقرار السوق بدون فائض في 2017.

لكن ـ يضيف - حتى في حال وجود اتفاق، فإن السوق البترولية أمام تحد كبير ممثلا في البترول الصخري الأمريكي، لأن الأسعار إذا تجاوزت الـ50 دولارا سيعطي المجال للبترول الصخري لكي ينتج أكثر كمية.. وحسبه، فإن التحدي الكبير للمنتجين في اجتماع فيينا هي الدول التي سمح لها استثنائيا بالزيادة في انتاجها بحوالي 600 ألف برميل، وهي نيجيريا، ليبيا والعرق وفي حال زادت عن ذلك، فإن الأمر يطرح مشكلا حيث سيترك السوق في حالة عدم استقرار في 2017 والحل في دخولهم في الاتفاقية في نوفمبر ويجمّدون إنتاجهم في نفس المستوى.

 وعن فشل الاجتماعات الماراطونية الأخيرة المنعقدة بكل من اسطنبول، أبوظبي والرياض، قال شكيب خليل إن الفشل في تحقيق اتفاق سيكون ضرره وخيما وكبيرا على المنتجين، لا سيما على السعودية وروسيا وبأقل ضرر على إيران، مضيفا أن السعودية التي تنتج مثلا 10.6 ملايين برميل يوميا ضررها سيكون أكبر على الاقتصاد المعرض للتضخم وانخفاض تسعيرة الريال أكثر مما هو عليه الآن وهذه واحدة من الأسباب التي تدفعهم إلى التوصل إلى اتفاقية.

«الالتزام» يضمن استقرار الأسعار  ما بين 50 و60 دولارا في 2017

ويبقى عنصر «الالتزام» أكبر مشكل قد يضر المنظمة، حسب شكيب خليل، الذي أشار إلى تخوف العديد من الدول على غرار السعودية من عدم التزام دول خارج المنظمة بقرار أوبك على غرار روسيا التي تنتظر قرار المنظمة، بالاضافة إلى العراق التي تريد رفع إنتاجها ونفس الحال بالنسبة لإنتاج ليبيا ونيجيريا الذي يجهل إذا كان سيزداد أم لا .. واستبعد المتحدث أن يكون المشكل الإيراني كبيرا لأن الفرق بينها وبين السعودية هو 200 ألف برميل فقط على اعتبار أن إيران تنتج 3.8 وتسعى إلى 4 ملايين، وهي حصتها قبل العقوبات المفروضة عليها من الغرب.

 وفي الموضوع، يشير الخبير إلى ضرورة العمل على فرض التزام بنظام الحصص، وهو في مصلحة الدول وهو ما يعطي «مصداقية» للمنظمة وهو المطروح اليوم على طاولة النقاش، والسوق يجب أن تحكمه المنظمة.. والتضارب في الكلام اثر مؤخرا في السوق وعليه فالالتزام كان مشكل في السابق وسيساعد اليوم المنظمة في ضمان الاستقرار في السوق .. واستبعد -خليل - تخفيضا آخر غير الذي اتخذ في قرار الجزائر والذي سيكون التزام به، لأن القرار ليس صعب التطبيق وإذا ذهب المنتجون إلى تخفيض أكبر فسيكون هناك تخوف من خسارة في النسبة بالسوق العالمية.

وبلغة الأرقام، أشار شكيب خليل إلى أن معدل الفائض قدر بمليون برميل غير أن الفائض في الربع الأول من 2017 قدر بحوالي مليونين ونصف، فيما قدر بـ1.5 مليون في الربع الثاني،  مع غياب فائض في الربع الثالث والرابع.. وعليه فالاتفاقية المتخذة ستأخذ بعين الاعتبار انخفاض المعدل طول السنة وهذا لا يعني أن الأسعار سترتفع بعد القرار على اعتبار الفائض ما زال في الربع الأول وسنتوقع عدم ارتفاع الأسعار في الربع الأول والثاني من 2017 غير أنها سترتفع في الربع الثاني والثالث للسنة المقبلة.

وسينعكس عدم التوصل إلى اتفاق في اجتماع فيينا سلبا على السعر لأن الفائض سيكون كبيرا خاصة في الربع الأول من العام القادم والأسعار ستكون أقل من 50 دولارا، لكن ولو لم يكن اتفاق ستبقى في ارتفاع بعد ذلك لتصل وتتجاوز 50 والأسعار تكون أحسن بقرار على الأقل يضمن ارتفاعا بـ5 دولارات والفارق سيكون في حدود 10 بالمائة في السعر..

وبعيدا عن تحليلات الشارع التي تحكم ارتفاع أسعار السوق إلى أشخاص أو لوبيات، قال شكيب خليل أن أسعار سوق النفط تحتكم إلى العرض والطلب، فالفائض في العرض يتحكم فيه منتجو البترول بالمنظمة، أما الإحتكام إلى العرض فيعود إلى منتجي البترول الصخري هم من يتحكم في الأسعار على اعتبار أن لديهم أكبر كلفة في الانتاج وأقلها لدى منتجي المنظمة، وفي حال الفائض يتحكمون في السعر الذي ينخفض إلى مستوى تكلفة منتجي المنظمة وهي أقل من منتجي البترول الصخري.

وعليه فإذا صار استقرار في 2017 بعد التوصل إلى «قرار»، فإن الكرة ترجع إلى البترول الصخري لأن لديهم أكبر كلفة ويسيطرون على السوق ولو يزيد أكثر من 50 و60 فسيحملون السعر للانخفاض بما يعطيهم مجالا للزيادة في إنتاجهم.. وفي المدى القريب وهي سنتين 2017 /2018 الأسعار تكون في مستوى 50 و60 دولارا لأنه ولو ترتفع فالبترول الصخري ستكون له انعكاسات على الأسعار.

الطاقات المتجددة بديل لا بد منه،  ولا مفر من رفع الأسعار وترشيد الاستهلاك

الانتقال إلى طاقات نظيفة ومتجددة ـ يقول الوزير السابق - هي حديث عن المشتقات البترولية والكهرباء والغاز والتي تعرف زيادة في الطلب وعجز في الميزانية، على اعتبار أن هذه المواد مدعمة من قبل الدول وحل المشكل في زيادة إنتاج البترول لأننا  ـ يقول - نستورد مليار دولار من المشتقات البترولية ولا بد من مواجهة مشكل الطلب من خلال الاتصال بالمواطنين وتوعيتهم بضرورة عقلنة الاستهلاك مع اللعب على ورقة السعر التي تسهم في عقلنة الاستهلاك ونفس الشيء بالنسبة للكهرباء والغاز التي تعرف زيادة وتأثير في عجز الميزانية والبقاء في زيادة الطلب يجب مواجهته بالأسعار والانتقال نحو الطاقة الشمسية في بعض الاستعمالات.

ويبقى الحل الأنجع في تشجيع الطاقة الشمسية لأخذ مكان الغاز الطبيعي المستعمل لتوليد الكهرباء وتدفئة المياه والاستهلاك الشخصي. الوزير اعترف بتأخر كبير في استعمال الطاقة الشمسية أو التحضير لاستعمالها تدريجيا بدل الكهرباء والغاز من خلال تقريب الأسعار. مشيرا إلى أن الطاقة الشمسية هي صناعة جديدة ومن شأنها المساهمة في الاقتصاد الوطني بخلقها قطاع صناعي وشغل وحيوية في الاقتصاد الوطني ونلاحظ بدء تطور العديد من المشاريع في هذا المجال.

وعن عقود الغاز الجزائرية التي ستنتهي في 2019 وضغوطات الاتحاد الأوروبي من أجل مراجعة سياسة العقود.. قال شكيب خليل أنه يجب أن ننظر إلى سوق الغاز الطبيعي الذي يعرف تغييرا كبيرا بظهور الغاز الصخري الأمريكي وهو أقل تكلفة في العالم، وتعد أمريكا أكبر مصدر له في المستقل، مضيفا أن سوق الغاز الذي كان جهويا بات اليوم عالميا بدخول منافسين جدد وهم أمريكا وإفريقيا الشرقية وشرق البحر المتوسط الذي يتوفر على احتياطي غازي كبير..

وفي السابق - يضيف - ارتبط سوق الغاز بالبترول لكنه اليوم استقل وعلى الجزائر أن تخوض معركة المنافسة في هذا المجال وتبقي على حصصها وتعتمد سعر السوق وكسر الاحتكار الذي تفرضه العقود طويلة المدى .. ويجب التفكير في استراتيجية واضحة من خلال الفصل في تصدير كل انتاجنا من الغاز أو اتباع سياسة تطوير بعض القطاعات الداخلية المرتبطة بإنتاج الأسمدة والإسمنت ومواد البناء وبالتالي استعمال الغاز في السوق المحلي وخفض عرضنا من الغاز على السوق الدولي.

والجزائر يجب أن تغير سياستها ولا خيار لديها لأن للغاز سوقا دوليا واضح وعليها دخول المنافسة وفق استراتيجيتها المحددة، والافضل ـ يقول شكيب خليل - الذهاب إلى التصدير ودعم الانتاج المحلي بخلق صناعة جديدة .. وعلى الدولة أن تكون لها علاقات خاصة وأن تقدم امتيازات حتى تشد إليها زبائن على أن تكون الأسعار مرتبطة بالسوق الحر كما هو الحال لصحراء بلاند وهو السعر المرجعي الذي أصبح سعر المنافسة المطبق في العقود وليس من مصلحة الجزائر وقف العقود وبعد 2019 يجب أخذ بعين الاعتبار مزايا السوق، مشيرا إلى أن مفاوضي سوناطراك مختصين في ذلك.

وفي الحديث عن سوناطراك أكد الوزير الأسبق، أن التحدي الذي رفعة بوطرفة برفع الإنتاج إلى نسبة 30 بالمائة مرتبط بالاستثمارات التابعة لسوناطراك وباقي الشركات، مشيرا أن إمكانيات الشركة قاردة على رفع التحدي وهي حاليا رفعت إنتاجها إلى 10 بالمائة ولديها الامكانيات المادية والبشرية اللازمة.. وعن عزوف الشركات الأجنبية عن المشاركة في مختلف مناقصات واستثمارات الشركة، برر الخبير الأمر بالسعر ووجود إمكانيات وإغراءات بدول أخرى تمنح امتيازات أحسن من الجزائر لأن المستثمر ينظر إلى الدول التي تقدم امتيازات في مجال الاستثمار والمردودية ولكل حساباته.