ترامب يلخص أولوياته في إصلاح الصحة والهجرة والتوظيف

المعارضون يخرجون للشوارع في سابقة لم تعهدها أمريكا

المعارضون يخرجون للشوارع  في سابقة لم تعهدها أمريكا
  • القراءات: 876
حنان حيمر حنان حيمر

بعد أن زلزل دونالد ترامب، العالم بأكمله بانتخابه المفاجئ رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية -على عكس كل التوقعات- توالت الهزات الارتدادية في بلد العم السام الذي عاش لأول مرة في تاريخه على وقع مظاهرات رافضة للرئيس المنتخب، وصلت إلى حد مطالبة ولاية كاليفورنيا بالاستقلال! هي سابقة في المشهد الأمريكي الذي يبدو أن عدوى «الربيع» وصلته في هذا الخريف الرئاسي الفريد من نوعه. فماذا يخبئ ترامب لمستقبل أمريكا؟

وكان اللقاء الأول مع الرئيس المنتهية عهدته باراك اوباما، أول أمس، بمثابة «الكابوس» بالنسبة للكثير من الأمريكيين. هذا اللقاء الذي أبرز للعيان «البرودة» التي طبعت الأجواء، بل وأحيانا الإحساس بـ«الحرج» بين الرئيسين، كان أول خطوة لترامب لوضع اليد على البيت الأبيض والشروع في تطبيق برنامجه الانتخابي الذي يعتبره البعض بمثابة كارثة على الشعب الأمريكي وعلى العالم كله.

وقد كشف الرئيس الأمريكي المنتخب في لقاء مع رئيس مجلس النواب وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ عن أولويات فترة حكمه، والتي لخصها في ثلاثة ملفات هي «إصلاح قوانين الصحة والهجرة والتوظيف»، وقال إنه يتطلع للبدء في العمل عليها «بسرعة» بعد توليه زمام الأمور في العشرين جانفي المقبل، باعتباره الرئيس الأمريكي الـ45.

وهو ما يشير إلى رغبته في تطبيق «تهديداته» وبرنامجه الذي وصف بـ«العنصري» والذي أخرج آلاف الأمريكيين الرافضين لترامب وسياسته إلى الشارع، حيث صدحت حناجرهم طيلة اليومين الأخيرين بعبارات مناوئة له، لتتحول في بعض الولايات والمدن إلى مواجهات مع الشرطة في مظاهر لم نعهدها إلا إذا تعلق الأمر باحتجاجات السود ضد عناصر الشرطة. وهو مايؤشر ـ حسب الكثير من المحللين ـ إلى انقسام غير مسبوق بين فئات الشعب.

ترامب: وسائل الإعلام تحرص على التظاهر

وفي محاولة منه لتهدئة الأمور، وجه ترامب أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام التي قال إنها تحرّض النّاس على التظاهر، مؤكدا في تغريدة على صفحته بموقع تويتر أن «أمريكا شهدت انتخابات رئاسية ناجحة». وأضاف بأن «مجموعات صغيرة من المتظاهرين الذين يحملون حبا لبلدنا العظيم وبتشجيع من وسائل الاعلام يعارضون النتائج... وهذا أمر غير عادل». 

رغم ذلك، استمر متظاهرون في عدة مدن مثل فيلادلفيا وبالتيمور وبورتلاند ودالاس وغراند رابيدز وميشيغان في التعبير عن رفضهم له، مرددين شعارات «ليس رئيسنا» و«لتكن أمريكا آمنة للجميع». 

وفي بورتلاند، قالت الشرطة أمس، أن مظاهرات احتجاجية تحولت إلى مواجهات مع الشرطة، حيث تم قذف عناصر من الشرطة بزجاجات حارقة، كما تم السطو على بعض المحلات التجارية. كما تظاهر عدد من الطلبة في كل من سان فرانسيسكو ولوس أنجلس، وسجلت تجمعات في كل من نيويورك وشيكاغو ودينفر ودالاس لمعارضين رددوا عبارات «لا لترامب» و«أمريكا لن تكون عنصرية».

وكان إطلاق نار قرب أحد مواقع الاحتجاجات في مدينة سياتل قد أسفر أول أمس، عن إصابة 5 أشخاص أحدهم في حالة خطيرة. وقدرت الشرطة أن ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص تظاهروا في نيويورك قرب برج ترامب أول أمس، منتقدين التصريحات «النارية» التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية بشأن العديد من القضايا لاسيما تلك المتعلقة بالمهاجرين والمسلمين إلى جانب سياسات أخرى اعتبرت أنها ستؤثر على المجتمع الأمريكي. 

واحتشد مئات الأشخاص رغم الطقس الماطر أمام البيت الأبيض في واشنطن حاملين شموعا ورافعين لافتات كتبت عليها (لدينا صوت) ونددوا بأفكار الرئيس الجديد واعتبروها «عنصرية». 

وإذا كان معارضو ترامب قد خرجوا إلى الشارع ليعبّروا بوضوح عن خيبتهم ورفضهم لبرنامجه السياسي والاقتصادي، فإن مناصريه اختاروا إلى غاية الآن التزام الصمت وعدم مواجهة المعارضين، إلا أن بعض محاولات التعدي على مسلمين سجلت في بعض المدن رغم أنها ليست بالدرجة التي تجعل منها أعمالا مخططة.

ورغم التخوف من إمكانية تطور الأمور إلى مواجهات بين مؤيدي ومعارض ترامب، فإن الكثير من المحللين يستبعدون الوصول إلى هذه المرحلة، معتبرين أن لغة التهدئة التي سينتهجها ترامب وربما فريق العمل الذي سيختاره، سيؤديان إلى التقليص من الشرخ الذي حدث، لاسيما وأن ترامب «الرئيس» سيكون بدو شك مختلفا عن ترامب «المرشح» للعارفين بخبايا السياسة الأمريكية.

نحو حكومة أغلب وزرائها من القطاع الخاص

وكان فريق الرئيس الأمريكي المنتخب قد بدأ في الأشهر القليلة الماضية، في إعداد قائمة قصيرة تضم الأسماء التي يمكنها أن تشكل مجلس الوزراء الجديد وفق تقارير إعلامية محلية. وحسب موقع «بوليتيكو» الأمريكي، فإن ترامب سيحاول «تعيين أكبر عدد من الوزراء من القطاع الخاص كلما أمكنه ذلك». وقال الموقع إن حملة ترامب تدرس بجدية تعيين فورست لوكاس (74 عاما) الذي شارك في تأسيس شركة لمنتجات الزيوت في منصب وزير الداخلية وستيفن منوشين وزيرا للخزانة، وقد يؤول منصب وزير الطاقة إلى الملياردير هارولد هام، الرئيس التنفيذي لشركة «كونتينانتال ريسورسيس» وصديق ترامب منذ سنوات. 

من جهة أخرى شرع ترامب في اتصالاته مع قادة العالم، حيث دعا رئيسة الوزراء البريطانية إلى زيارة واشنطن في أقرب وقت، كما يرتقب أن يلتقي مع رئيس الوزراء الياباني الأسبوع المقبل. وينتظر أن يتحادث مع الرئيس الفرنسي لاحقا، مع العلم أن الأخير استقبل ببرودة انتخاب ترامب بسبب مواقفه التي أحدثت الكثير من الجدل.

ومن بين هذه المواقف، تأكيد ترامب رغبته في الانسحاب من الاتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي. حيث أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أمس، أن الاتفاق الذي أبرم في 2015 مع إيران «ليس ملزما من الناحية القانونية»، لكنها حذّرت من «عواقب وخيمة» على سلامة الإتفاق في حال قرر الرئيس المنتخب الإنسحاب منه. 

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما  حين هنّأ دونالد ترامب إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية، قد أكد رغبته في أن يقوم بمهمته في ظل «انتقال هادئ» للحكم في البلاد. كما شدد على»أهمية احترام المؤسسات والقانون» و«الاحترام المتبادل بين الأفراد».