التربية والتعليم والبحث العلمي

رهان ضمان التنمية المستدامة

رهان ضمان التنمية المستدامة
  • القراءات: 1852
حسينة/ل حسينة/ل
عرف قطاع التربية بالجزائر منذ الاستقلال، تغيرات هامة تجسدت بفضل المجهودات المبذولة للنهوض بالقطاع، حيث كان القضاء على الأمية التي فاقت 85 بالمائة غداة الاستقلال التحدي الأكبر، وبفضل الاستراتيجية المسطرة منذ تلك المرحلة من أجل بناء مدرسة جزائرية ذات مستوى تمكنت الجزائر من تحقيق جزء كبير من الأهداف المسطرة، تجلت في تقلص نسبة التسرب المدرسي، مضاعفة عدد المتمدرسين بفضل مجانية وإجبارية التعليم. وسجلت عملية التأطير المدرسي تحسنا تدريجيا منذ الاستقلال، إذ كان لا يتجاوز عدد التلاميذ في القسم الواحد 23 في الطور الابتدائي و22 في المتوسط خلال الموسم الدراسي 2010 - 2011، مقابل أستاذ لكل 39 تلميذا سنة 1962.
وتؤكد الإحصائيات التي قدمتها مديرية التقويم والاستشراف لوزارة التربية الوطنية، أنه بفضل تزايد عدد المعلمين والأساتذة في الطورين الابتدائي والمتوسط عرفت عملية التأطير تحسنا كبيرا مقارنة بالسنوات الأولى من الاستقلال (أستاذ لكل 39 تلميذا في 1962)، حيث استطاعت الوزارة الوصية توفير أستاذ لكل 28 تلميذا في الطور الابتدائي وأستاذ لكل 18 تلميذا في الطور الثاني في سنة 2000.
أما سنة 2004 فقد تقلص عدد التلاميذ إلى 26 لكل أستاذ بالنسبة للطور الأول، و21 للطور المتوسط لينخفض بعد ذلك إلى 23 تلميذا لكل أستاذ في الطور الابتدائي و22 في المتوسط.
وتسعى السلطات من خلال برامجها المسطرة إلى مواصلة الإصلاحات في قطاع استقبل خلال الدخول المدرسي الماضي، أكثر من 8 ملايين تلميذ إذ بلغت نسبة تمدرس الأطفال البالغين من 6 إلى 15 سنة 97% بالنسبة للذكور و95% بالنسبة للإناث. وأوليت أهمية خاصة إلى قطاع التربية الوطنية من خلال تخصيص غلاف مالي بقيمة 852,095 مليار دج بغية إنجاز أكثر من 3100 مدرسة ابتدائية، و1100 متوسطة، و840 ثانوية، وكذلك 2000 مؤسسة تعليمية مزودة بالنظام الداخلي والمطاعم ونصف الداخلي. وتم بين سنوات 2000 و2014، إنجاز 944 ثانوية جديدة، و1885 متوسطة جديدة، و2324 مدرسة ابتدائية. وفضلا عن ذلك، شُرع في تنفيذ عدد من البرامج الرامية إلى التحسين النوعي لهذا القطاع.
المراهنة على التعليم النوعي للرفع من مستوى التحصيل المدرسي
وكان للاهتمام بالجانب النوعي في التدريس دور كبير في النتائج الايجابية التي سجلها قطاع التربية منذ الاستقلال، فبعد العجز المسجل في التاطير في السنوات الأولى من الاستقلال، تمكنت الجزائر من تكوين عدد كبير من المعلمين ذوي المستوى الجامعي، حيث عرف عدد الأساتذة الحاملين للشهادات الجامعية ارتفاعا محسوسا في مؤسسات التعليم المتوسط والابتدائي، إذ بلغت نسبة الأساتذة الحاملين لشهادة الليسانس 48.9 بالمائة بالنسبة للطور الأول (الابتدائي)، و44.3 بالمائة بالنسبة للطور الثاني (المتوسط) مقابل 13 بالمائة منذ سنة 2005. وتتوقع وزارة التربية الوطنية، بلوغ عدد الأساتذة الحاملين لشهادة الليسانس 214.000 سنة 2015.
وضمانا لتجسيد المشاريع الرامية إلى تحسين التعليم والرفع من قيمته، رفعت الدولة من حجم ميزانيات قطاع التربية لتبلغ 17.5 بالمائة من ميزانية الدولة، فيما تشير أرقام وزارة التربية الوطنية، إلى أن كلفة تمدرس تلميذ في الطورين الأول والثاني عرفت زيادة 3 مرات خلال العشر سنوات الأخيرة.
أكثر من 23 مليون تلميذ يستفيدون من الكتب المدرسية مجانا كل سنة
أشارت حصيلة للديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، إلى أن الدولة خصصت مبلغا ماليا يقدر بـ36 مليار دينار جزائري خلال السنوات الست الأخيرة من أجل ضمان الكتب المدرسية لأكثر من 7 .23 مليون تلميذ من عائلات معوزة بمعدل 3 إلى 4 ملايين مستفيد سنويا.
وأوضحت الحصيلة أن قيمة الغلاف المالي المقتطع من ميزانيات وزارة التربية الوطنية خلال السنوات الدراسية 2006-2007 و 2007-2008 والمخصص لتمويل مجانية الكتب لـ205 .3 ملايين تلميذ و 521. 3 ملايين تلميذ خلال السنتين الدراسيتين على التوالي تقدر بـ5 ملايير دينار، مشيرة إلى أنه تم رفع هذه الميزانية إلى 5. 6 ملايير دينار سنويا منذ 2008، إلى غاية يومنا هذا.
وأبرز الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، الجهود الرامية إلى تغطية المؤسسات التربوية للتعليم العام بأطواره الثلاثة (الابتدائي والمتوسط والثانوي) بالكتب، حيث يقدر عدد المؤسسات التربوية الواجب تزويدها بـ24829 مؤسسة على المستوى الوطني.
وقام الديوان خلال السنة المدرسية  المنقضية بإنتاج وتوزيع 111. 61 مليون كتاب تمثل 167 عنوانا (49 للطور الابتدائي و48 للطور المتوسط و 70 للثانوي). ويشهد الحجم الإجمالي للكتب المدرسية التي ينتجها الديوان ارتفاعا مضطردا سنة بعد سنة، حيث ارتفع من 148. 56 مليون نسخة خلال السنة المدرسية 2007-2008 إلى 346 .59 مليون نسخة (2008-2009) و184. 61 مليون نسخة (2009-2010) و478. 58 مليون نسخة (2010-2011) ثم 59 مليون نسخة (2011-2012). وتكمن مهام الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، الذي يوظف حاليا 1742 عاملا في نشر وطباعة وتوزيع الكتب المدرسية ووثائق تعليمية أخرى.
الجامعة الجزائرية: من 63 متخرجا سنة 1964 إلى أزيد مليونين في ٢٠١٤
خطا قطاع التعليم العالي، خطوات هامة خلال 52 سنة من استقلال الجزائر، حيث سجل تطورا نوعيا لا سيما من حيث التكوين الجامعي، إذ بلغ عدد المتخرجين من الجامعة الجزائرية 63 طالبا سنة 1964، ليصل إلى أزيد من مليونين في 2014.
وتدل المؤشرات على أن قطاع التعليم العالي عرف تطورا لافتا على الصعيد البشري والمادي في السنوات الأخيرة، ف77 بالمائة من هؤلاء تخرجوا ابتداء من نهاية تسعينيات القرن الماضي، حسب ما أكدته مديرية التنمية والاستشراف بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي. وعلى نفس وتيرة التطور بلغ عدد الطلبة الذين سجلوا في الجامعة الجزائرية في طور التدرج في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ـ يضيف ـ أكثر من 1.090.000 طالب أي تضاعف العدد أكثر من ثلاث مرات، أما في مرحلة ما بعد التدرج فبلغ أكثر من 64 ألف طالب.
أما العدد الإجمالي للأساتذة الذين كانوا يقدرون بحوالي 300 أستاذ غداة الاستقلال فقد وصل في نهاية التسعينيات إلى أكثر من 16.200 أستاذ في كل الرتب منهم حوالي 15 بالمائة من الصف العالي، ليبلغ الآن عددهم أكثر من 44.400 أستاذ من مختلف الرتب.
الهياكل البيداغوجية.. قدرة استيعاب فاقت التوقعات
تمكنت الجزائر في ظرف 52 سنة من تجاوز جميع التوقعات في مجال إنجاز الهياكل البيداغوجية، وبعد فترات من التعثر ونقص الإمكانيات بلغ عدد المقاعد البيداغوجية اليوم حوالي 1.100.000 مقعد بيداغوجي بما يمكن من استقبال أكثر من 1.320.000 طالب كحد أدنى، وهو ما يعني أنه تم إنجاز حوالي 70 بالمائة من قدرات الاستقبال البيداغوجي منذ نهاية التسعينيات.
فبعد أن كانت الجامعة الجزائرية مشكلة من مؤسسة جامعية واحدة قفز عددها في نهاية التسعينيات إلى 53 مؤسسة جامعية على مستوى 30 ولاية، بسعة إجمالية تقدر بـ356 ألف مقعد بيداغوجي، فيما أصبح القطاع اليوم يتوفر على شبكة جامعية قوامها 90 مؤسسة تغطي 47 ولاية، في انتظار استلام المركز الجامعي بإليزي المنتظر عشية الدخول الجامعي المقبل.
ومجال الخدمات الجامعية عرف نفس التطور بحيث انتقل عدد الإقامات الجامعية من حوالي 11 إقامة في 1971، إلى 103 إقامات في تسعينيات القرن الماضي، مع سعة إيواء قدرت بـ163.000 سرير ثم إلى 388 إقامة جامعية في الموسم الجامعي 2011-2012 مع سعة استقبال إجمالية تفوق 562 ألف سرير.
كما انتقل العدد الإجمالي للطلبة المستفيدين من المنحة الجامعية من 13.346 طالبا في الموسم الجامعي 1971-1972 إلى 335.772 طالب في الموسم الجامعي 1998-1999، إلى أن بلغ أكثر من 804.000 طالب ممنوحا في الموسم الجامعي 2011-2012.
وجاءت هذه المعطيات الكمية التي تعكس تطور القطاع نتيجة للبرامج الاستثمارية التي خصصتها الدولة للقطاع، ومن أبرز هذه البرامج المخطط الخماسي 2005-2009 الذي سمح للقطاع بالاستفادة من برامج استثمارية سمحت له بتعزيز قدرات استقباله، ومن تخصيص التجهيزات التعليمية والعلمية اللازمة وهو ما سمح أيضا بخلق 21 قطبا جامعيا جديدا موزعا على مستوى القطر الوطني، وبوضع هياكل الدعم البيداغوجي بما يسمح بتحسين الإطار المعيشي للطالب سواء في المجمع البيداغوجي أو داخل الإقامة الجامعية.
وجاء البرنامج الخماسي الثاني 2010-2014 الذي يعزز سابقه ليسمح بمواصلة هذه الجهود وبتوفير كل الظروف المادية والبشرية اللازمة لاستقبال الأعداد الطلابية الوافدة والتي من المنتظر أن تصل في آفاق 2015 إلى حوالي مليوني طالب. ويتعلق الأمر في المخطط المقبل باستكمال عملية تحول الجامعة التي ارتفع عدد طلابها من حاملي الشهادات من 52.804 في سنة 2000 إلى 285.000 في 2013، وهي تتأهب لاستقبال 2 مليون طالب في 2015 في الجامعات والمدارس الوطنية العليا الجديدة بالنسبة إلى بعض الفروع.
وتجسدت عملية تحسين ظروف معيشة الطلاب لاسيما بعد قرار رئيس الجمهورية، بزيادة المنحة الجامعية بنسبة 50% منذ سنة 2009. وبلغ عدد الطلاب المسجلين في طور ما بعد التدرج 70.400 في 2013 مقابل 22.533 في 2000، وارتفع عدد حاملي الشهادات في هذا الطور بشكل محسوس، حيث انتقل من 2.169  في 2000 إلى 10.800 في 2013. وفيما يتعلق بالتأطير، تم تسجيل زيادة معتبرة في عدد الأساتذة إذ انتقل من 17.460 في 2000 إلى 50.100 في 2013. وهذا العدد مدعو إلى الزيادة ليصل إلى حدود 55.000.
وتهدف الميزانية المخصصة إلى القطاع لفترة 2010-2014 والتي تبلغ 768 مليار دج، إلى إنجاز 600 ألف مقعد بيداغوجي، و400 ألف مقعد إيواء، و 44 مطعما جامعيا، يتوفر القطاع اليوم على 92 مؤسسة جامعية تغطي كافة التراب الوطني، حظيت ولاية إليزي، وهي الولاية الواقعة في أقصى الجنوب الجزائري بجامعتها أيضا.
بخصوص الإنجازات المحققة نذكر توفير 312 150 مقعدا بيداغوجيا، و161 600 سريرا، و21 مكتبة مركزية، و20 مطعما مركزيا، ومن المقرر بالنسبة إلى سنة 2014، تسليم 100 75 مقعد بيداغوجي، و950 67 سريرا، و4 مكتبات مركزية، ومطعمين (2) مركزيَّين.
البحث العلمي والتكوين المهني 
وفيما يخص البحث العلمي تعمل الدولة الجزائرية، على تطويره من خلال ربط أهداف القطاع بمتطلبات التنمية الوطنية (34 برنامجا وطنيا، و6244 مشروعا تم استكمال أكثر من 200 منها، 7031 نشرية، و14.510  مداخلة وطنية ودولية، 4111 أطروحة دكتوراه، و23.588 ماجستير، وتقديم 15 براءة اختراع). فيما تم تخصيص    34 مليار دج من القروض لهذا القطاع، و100 مليار دج على فترة 5 سنوات منذ 2008. ومنذ 2009 استفاد طلاب الدكتوراه، الذين ليس لهم أجرا، من منحة 000 12 دج شهريا من أجل تشجيع تعزيز صفوف أساتذة الجامعات، وكذلك ترقية البحث العلمي كما تم تخصيص مبلغ 50 مليار دج إلى اقتناء التجهيزات الخاصة بتعميم تعليم الإعلام الآلي في كامل النظام الوطني للتعليم والتكوين.
ويعد التكوين المهني، الآلية الناجعة التي تعمل الدولة على تطويرها لإعطاء حظوظ أخرى للتلاميذ الذين لم يستطيعوا مواصلة دراستهم داخل النظام المدرسي، من خلال مساعدتهم على الاستفادة من التكوين مع تزويد سوق العمل بيد عاملة مؤهلة، واستفاد هذا القطاع من غلاف مالي مبلغه 178 مليار دج مخصص بالدرجة الأولى إلى إنجاز 220 معهدا، و82 مركز تكوين، و58 مقعدا في إطار النظام الداخلي. و تم في 2013 إنجاز 92 معهدا للتكوين المهني و734 مركز تكوين مهني، و 101 معهد.