مشروع قانون الصحة بعيون الشركاء:

خطوة جدية لتكفّل أفضل بالمريض

خطوة جدية لتكفّل أفضل بالمريض
  • القراءات: 921
حسينة.ل حسينة.ل

جاء نص مشروع قانون الصحة الجديد الذي صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد أول أمس برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عكس كل الادعاءات المزعومة حول تراجع الدولة عن مكسب العلاج المجاني، فيما أجمع مختلف الشركاء في قطاع الصحة أن نص المشروع الذي سيعرض على نواب الشعب للنقاش والمصادقة قريبا سيساهم في عصرنة وتنظيم تسيير القطاع وفقا للمعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال، كما سيعزز الحق في العلاج والخدمة الصحية النوعية للمواطن. 

وجاء مشروع قانون الصحة ـ حسب الشركاء والمختصين في الصحة ـ لسد النقائص التي ظهرت في تطبيق قانون الصحة لسنة 1985 ولتلبية إحتياجات السكان المتزايدة من خلال إعطاء أهمية للوقاية، إستجابة للتحولات التي تميز المجتمع. ويتضمن النص 470 مادة أحاطت بجميع الجوانب الوقائية والتنظيمية والقانونية والمبادئ الأساسية لترقية صحة الأشخاص كحق أساسي في ظل المتغيرات الديموغرافية والوبائية التي يمر بها المجتمع الجزائري. 

كما أنه يكرس مجانية العلاج وضمان توفيرها لجميع المواطنين من طرف الدولة التي تسهر على وضع الوسائل الضرورية للتشخيص والعلاج والإستشفاء بمختلف الهياكل الإستشفائية العمومية، فيما خصص حيزا هاما للوقاية، بمشاركة جميع القطاعات من خلال وضع برامج وطنية وجهوية ومحلية، محددا كيفية تطبيقها وخضوعها للتقييم الدوري من طرف الوزارة الوصية. وقد وضع المشروع في هذا الشق الإجراءات الضرورية للوقاية من الأمراض المتنقلة (من المادة 34 إلى 42) والحد من تفشيها والتخفيض من أثارها الإقتصادية على المجتمع. 

وبخصوص تمويل المنظومة الصحية، أكد المشروع بأن الدولة تبقى الممول الرئيسي لمختلف النشاطات الرئيسية للقطاع مع ضمان مساهمة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. كما وضع قواعد وظروفا خاصة لممارسة نشاطات مهنيي الصحة والفصل بين مهام مختلف المجالس. 

وحدد من جهة أخرى كيفية ممارسة الطب الشرعي الذي ظل حتى الآن مبهما في بعض جوانبه مما تتسبب في أضرار للمريض وأيضا مهنيي الصحة. 

ووضع المشروع تنظيما جديدا للمؤسسات الصيدلانية وتسيير الأدوية والمستلزمات الطبية تماشيا مع توسع هذا القطاع الذي برز خلال سنوات التسعينات وأصبح يحتل مكانة خاصة في السوق الوطنية والإقتصاد الوطني. وتميز القطاع الصيدلاني بإنشاء الوكالة الوطنية لهذه المواد التي أشار المشروع إلى تنظيمها وكيفية تسييرها، حيث ستساهم لامحالة في تنظيم السوق الجزائرية وتضيف لبنة جديدة في تسجيل وتسويق الأدوية وتحسين التكفل بالمرضى لاسيما المصابين بالأمراض الخطيرة. 

 كما وضع المشروع الجديد إجراءات عامة وحدد أخلاقيات وآداب الطب والبيولوجيا لاسيما المتعلقة بمجالات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا وقنن الإنجاب المدعم طبيا في المواد من 387 إلى 394. 

 وبالنسبة للنشاط التكميلي، فإن المشروع الجديد قد ألغى هذا النشاط نظرا للأنحرافات التي سجلتها الوزارة والأضرار التي سببها للقطاع العام.

بقاط: القانون إيجابي في عمومه

الدكتور بقاط بركاني رئيس مجلس عمادة الأطباء أكد أن مشروع القانون جاء بالجديد في عدة جوانب منها قرار إنشاء المجلس الوطني للصحة الذي سيتكفل بتقديم الآراء والاقتراحات للهيئة التنفيذية للأمراض المزمنة والأمراض المتنقلة وتسيير الصحة العمومية أوالخاصة، فضلا عن توضيحه لمكانة القطاع الخاص لأول مرة بصفته قطاع مكمل للقطاع العمومي.

ويرى بقاط بركاني أن محتوى نص مشروع القانون إيجابي في العموم إلا أنه يحتاج إلى توضيح بعض النقاط وهو ما يمكن أن يتم خلال مناقشته بالمجلس الشعبي الوطني لاسيما في بعض المسائل التي تتعلق بالأمراض المزمنة التي تعتبر الأساس في الصحة العمومية. 

وبخصوص مجانية العلاج الذي أصبح مكسبا للجزائريين، أوضح رئيس مجلس عمادة الأطباء أن لا شيء تغير وأن مجانية العلاج مكفولة صراحة وأن الدولة لم تتراجع عنه أبدا كما تدعي بعض الجهات، موضحا أن ما تغير في النص هو استبدال عبارة العلاج المجاني بأخرى تنص على أن الدولة هي المتكفلة بصحة المواطن. 

بالنسبة للمتحدث،، فإن مشروع القانون جاء في الوقت المناسب بعد أن أصبح قانون سنة 1985 لا يستجيب لتحولات المجتمع وتطلعاته في مجال الصحة وأن جميع الشركاء في الميدان ظلوا يجتهدون منذ سنوات من أجل وضع قانون يساهم في تقديم خدمات ذات نوعية للمريض ويتأقلم مع تطور القطاع الخاص وتوسعه. وشدد من جانب آخر على ضرورة العمل من أجل تحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص بما يسمح بتحسين التكفل بالمريض. 

بن بأحمد: النص مكسب للصناعة الصيدلانية في القطاعين العام والخاص

رئيس مجلس أخلاقيات الصيدلة الدكتور لطفي بن باحمد أبدى من جهته ارتياحه لمحتوى مشروع القانون الجديد الذي خصص - كما قال - حيزا هاما للقطاع الصيدلاني واعتبر الدواء منتوجا يكتسي طابعا حيويا ينبغي متابعة مختلف مراحل صناعته إلى غاية اقتنائه من طرف المريض. 

وأضاف أن هذا المشروع من شأنه أن يكرس عصرنة مهنة الصيدلي ويساهم في تدعيم الصناعة الصيدلانية في القطاعين العام والخاص، مثمنا الإجماع المتوصل إليه بين مختلف الفاعلين في هذا المجال. وذكر أن النص الجديد شامل وتوافقي ويتضمن حلولا لعدة إشكاليات كانت بمثابة النقاط السوداء، من بينها وضع تعريف محدد للدواء وتنصيصه على شروط إنتاج هذه المادة الحيوية، فضلا عن تضمنه أحكاما تتعلق ببعض الممارسين لإنتاج وتسويق مواد شبه صيدلانية ومكملة والتي تكون في أغلب الأحيان مجهولة المصدر والتركيبة الكيميائية مشكلة بذلك خطرا على صحة المواطن والصحة العمومية.   

نقابات وجمعيات المرضى: قفزة نوعية في التنظيم

 رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص الدكتور مسعود بلعميري اعتبر أن مشروع القانون الجديد للصحة سيساهم في تحسين التكفل بالمريض تماشيا مع التطورات الحاصلة في الخارطة الصحية والتحولات التي يمر بها المجتمع. وقال في ذات السياق إن النقابة تتابع باهتمام تنظيم الخارطة الجديدة للصيدلة في إطار الخارطة الصحية الوطنية مما سيساهم في تنظيم هذه المهنة تقنيا وعلى جميع المستويات.. 

كما ثمنت جمعيات المرضى من جهتها القفزة النوعية والتنظيم الجديد في مجال التكفل بالمريض خاصة بعد تثمين دور الجمعيات في التوعية والتحسيس والوقاية. في هذا الصدد، وصفت رئيسة جمعية المصابين بالهيموفيليا، لطيفة لمهن مشروع قانون الصحة بالمكسب الهام للمريض وللمجتمع بصفة عامة. 

بدوره، عبر رئيس جمعية المصابين بارتفاع ضغط الدم الشرياني، خير الدين مخبي عن أمله في تحسين نوعية التكفل بالمصابين بالأمراض المزمنة بعد تطبيق القانون الجديد الذي خصص ـ حسبه ـ حيزا واسعا للوقاية من مختلف الأمراض.

صالح لعور: هذا القانون سيسدّ الثغرات

رئيس النقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية أكد من جهته أن نقابته شاركت مثلها مثل مختلف الشركاء في إعداد وإثراء المشروع وقدمت اقتراحات تم أخذها بعين الاعتبار، مضيفا أن القصد من إعداد قانون جديد للصحة هو تحسين الآليات التي تنظم تسيير قطاع الصحة. وطالب في ذات السياق بالإسراع في الأحكام الجديدة فور المصادقة عليه وصدوره في الجريدة الرسمية قصد تجسيد مختلف البرامج الواعدة المسطرة المتعلقة بطبيب العائلة وإلغاء نظام العمل التكميلي وزراعة الأعضاء والأنسجة وإدخال التكنولوجيات الجديدة كاعتماد الملف الإلكتروني للمريض والاستشفاء المنزلي التي لا يمكن تطبيقها في الميدان بدون القانون الجديد.

كما أشار المتحدث إلى استحداث ـ بموجب القانون الجديد ـ مجالس عليا للسهر على مواجهة التجاوزات التي تسجل من قبل الممارس والمجلس الوطني للصحة الذي ينبه السلطات بكل ما يطرأ في مجال الصحة ومصالح التفتيش، فضلا عن تنصيصه على فتح المجال للاستثمار لتحسين الخدمة الصحية للمواطن.  

نقابات تثمّن مواصلة دعم المواد واسعة الاستهلاك وتصرح لـ«المساء»:  

رئيس فدرالية عمال التجارة: الإجراء بدد مخاوف العمال

 ثمن رئيس فدرالية عمال التجارة والسياحة والخدمات، رابح إبراهيمي، في تصريح لـ«المساء»، عدم تراجع الدولة عن دعم المواد واسعة الاستهلاك، وتمسكها بهذا المكسب الذي يكرس العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، من خلال مصادقة مجلس الوزراء، أول أمس، على مشروع قانون المالية2017، مشيرا إلى أن ذلك يخدم شريحة واسعة من المواطنين والعمال، الذين انتابتهم مخاوف كثيرة، بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

مزيان مريان «سناباست»: الدعم يجب أن يصل إلى المواطن البسيط

من جهته، أكد رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة الثانوي والتقني «سناباست»، مزيان مريان، لـ«المساء»، على ضرورة مواصلة دعم المواد واسعة الاستهلاك وأسعار الكهرباء والغاز بطريقة عقلانية، كون ما يجري حاليا هو «دعم يستفيد منه الجميع بما في ذلك الأثرياء وليس دعما خاصا بالفقراء»، مشيرا إلى أن نقابته التي تثمن دعم أصحاب الدخل الضعيف، متخوفة من الزيادات في أسعار الكهرباء، الغاز، البنزين ومواد أخرى بطريقة عشوائية وغير مباشرة، ما يجعل الدعم يفقد معناه ،حسب المتحدث، الذي ألح على ضرورة أن يصل الدعم للفقراء ويمس الأجور مباشرة، بدلا من أن يكون بطريقة غير مباشرة، مقترحا على الحكومة دراسة كيفية وصول هذا الدعم للمواطن البسيط فقط. 

صادق دزيري»اونباف»: يجب الحفاظ على الدولة الاجتماعية 

كما ألح رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، لـ«المساء» على ضرورة الحفاظ على مكسب الدولة الاجتماعية بمفهومها الواسع، وعدم التخلي عن دعم المواطن البسيط الذي أثقلت كاهله الزيادات والضرائب، خاصة ذوي الدخل الضعيف، ما أدى إلى تلاشي الطبقة المتوسطة، وأصبح المجتمع مكونا من طبقتين فقراء وأغنياء، يقول المتحدث، مضيفا أن الدولة الاجتماعية فصل فيها بيان أول نوفمبر، وهو من خيارات الدولة الجزائرية، غير أنه ومنذ سنوات بدا يلوح في الأفق التخلي الجزئي والتدريجي عن هذا المفهوم.

بوعلام عمورة «ساتاف»: يجب إعادة النظر في طريقة الدعم

رئيس النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، بوعلام عمورة، ثمن في تصريح لـ«المساء»، مواصلة الدعم الاجتماعي، غير أن ذلك يجب أن يذهب للمحتاجين، ويمس مباشرة الأجور، «من غير المعقول مواصلة دعم أشخاص ميسورين، بل يجب أن يوجه الدعم مباشرة للأسرة المعوزة».

وحسب المتحدث، فإن استمرار الدولة في الدعم المباشر للمواد الأساسية، يخدم شريحة واسعة ليست بحاجة لذلك، معتبرا أن ذلك لا يجسد العدالة الاجتماعية، حيث أن الدولة يقول عمورة، عليها مواصلة الدعم، لكن يجب أن تعيد النظر في طريقة ذلك.

 الوزير بوضياف: قانون الصحة مكسب للجميع 

 أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف أن مشروع قانون الصحة الجديد يعتبر مكسبا لجميع الفاعلين في الميدان وللمجتمع ككل كونه يستجيب لمتطلبات السكان، مضيفا أنه ثمرة مسار طويل من الحوار والمشاورات مع مختلف مهنيي الصحة العمومية والخاصة بما فيهم مختلف النقابات الممثلة للقطاع، إلى جانب ممثلي المرضى من جمعيات على المستوى الوطني والمحلي.   وأوضح المسؤول الأول عن القطاع في تصريح صحفي أمس أن النص الجديد سيساهم في عصرنة المنظومة حسب المقاييس المعمول بها عالميا وملاءمتها مع التحولات التي يمر بها المجتمع الجزائري، مضيفا في هذا السياق أن القانون سيدعم القطاع بوسائل وآليات جديدة في التسيير تسهل تطبيق مختلف التغييرات في جميع الميادين الإجتماعية والإقتصادية، مذكرا بتكريسه مجانية العلاج في إطار متجدد. وأشار إلى أن المشروع جاء لدعم مؤسسات الصحة العمومية بإطار قانوني عصري يمكّنها من تحسين الأداء والخدمة بصفة منظمة ومنتظمة مع إدماج القطاع الخاص كشريك في المنظومة الوطنية. 

وذكر من جانب آخر بالتأطير الدقيق لنشاطات الوقاية والعلاج والبحث العلمي ومكافحة التدخين ودعم الصحة العقلية ومختلف الجوانب التي لها علاقة بالبيوتكنولوجيا وأخلاقيات وآداب المهنة.