رغم الإجماع على وصف إتفاق الجزائر بـ «التاريخي»:

الصحافة الدولية تحت «صدمة المفاجأة»

الصحافة الدولية تحت «صدمة المفاجأة»
  • القراءات: 873
 مليكة خلاف مليكة خلاف

أجمعت المواقع الإعلامية العالمية والخبراء الاقتصاديون الدوليون على إيجابية النتائج التي أفضى إليها اجتماع منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) بالجزائر الذي وصف بـ«التاريخي  والمفاجئ» رغم التذبذب الذي مازالت تعرفه أسعار النفط. 

وتكمن أهمية الاجتماع الذي يمهد للقاء فيينا المقرر شهر نوفمبر القادم، في كونه نجح في إرساء التفاؤل الذي أضحى يطبع منحى النقاش بين الدول الأعضاء في المنظمة وخارجها من أجل التوصل إلى رؤية توافقية على المديين المتوسط والطويل رغم  الشكوك التي ساورت حيثيات الاجتماع وإمكانية خروجه بأي نتيجة بسبب اختلاف وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وإيران.

محللون وخبراء نفطيون أكدوا على نجاح الجزائر في رأب الصدع بين دول المنظمة بسبب الصراع القائم بين الدول الفاعلة، كما تمكنت من تحقيق هدفين في هذا الحدث، الأول يتمثل في تثبيت الإنتاج في انتظار تأكيده في اجتماع فيينا، والثاني في ارتفاع أسعار النفط التي قفزت بنسبة 5 بالمائة بعد مشاورات ماراطونية روجت خلالها لرؤية براغماتية بين الدول النفطية الفاعلة التي أقنعتها بضرورة ترك خلافاتها جانبا والالتفات إلى المصلحة الجماعية. 

وكالة رويترز قالت إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اتفقت على خفض محدود لإنتاجها النفطي في أول اتفاق من نوعه منذ عام 2008 مع قيام السعودية أكبر منتج في المنظمة بتخفيف موقفها حيال غريمتها إيران وسط تنامي الضغوط الناجمة عن هبوط أسعار الخام. مضيفة أنه من شأن الخطوة التي اتخذتها  المنظمة أن تعيد المنظمة فعليا إلى تبني سياسة وضع سقف للإنتاج التي تخلت عنها قبل عام.

 الصحف البريطانية: الاتفاق يعزز الثقة بين المستثمرين 

الصحف البريطانية أسهبت في هذا الصدد في الإشادة باجتماع الجزائر، كما كان الحال مع صحيفة «الدايلي ميل» إذ ذهب بعض محللي السوق النفطية إلى اعتبار أن الاتفاق يعد «تحولا هاما للقطاع» وأنه «ربما سيعطي مزيدا من الثقة للمستثمرين على المديين المتوسط والطويل».

صحيفة «دي انديباندنت» أكدت أن القرار كان مفاجئا بالنسبة للمحللين الذين لم يكونوا ينتظرون أن يتوصل أعضاء «أوبك» إلى هذا الاتفاق. ويرى فيل فلين كبير محللي الطاقة على صفحات اليومية أن «أوبك» قد أثبتت أنه لازال لديها وزن حتى في عهد الغاز الصخري. 

محللون آخرون وصفوا في الغارديان نتائج الاجتماع بأنه «التزام فضفاض» رغم إقرارهم بصعوبة المهمة فيما يتعلق بتطبيق الاتفاق. كما أكدوا على «ضرورة التوصل إلى اتفاق أكثر قوة من أجل تقليص الإنتاج» باعتبار أن «الاتفاق المتوصل إليه مؤقتا في الجزائر يعتبر مجرد موافقة».

الغارديان أكدت أن اتفاق «أوبك» بتخفيض الإنتاج يعتبر مفاجأة للأسواق رغم إقرارها بأن نفط برنت لم ينجح في كسر حاجز مستوى 50 دولارا للبرميل. أما صحيفة «التايمز» التي أشارت إلى «اتفاق مفاجئ»، اعتبرت أن الأسواق قد تلقت الخبر بترحاب مع عمالقة النفط على رأسهم أف.تي.أس.أي 100. في حين تم التأكيد على أن «روايال داتش شيل وبريتيش بيتروليوم قد عرفت أسعارها ارتفاعا على التوالي بـ2ر5 بالمائة و3ر4 بالمائة خلال التداول، في حين ارتفع سعر البرنت بنيويورك، لتخلص الوسيلة الإعلامية إلى القول بأن المفاوضات من أجل عمل منسق بالجزائر لن تقتصر على أعضاء «أوبك» بل مع منتجين كبار غير أعضاء مثل روسيا.

جريدة «فاينانشل تايمز» أكدت من جهتها أن «بعض كبار منتجي النفط في العالم وافقوا على تقليص الإنتاج للمرة الأولى منذ ثماني سنوات»، مشيرة إلى أن «الاتفاق قد فاجأ أسواق النفط التي كانت تعتقد أنه من الصعب التوصل إلى إجماع بسبب اختلاف وجهات النظر بين السعودية وإيران».

اليومية أضافت أن قرار الجزائر «يعد أول عمل منسق منذ 2008 لدعم أسعار النفط» التي أثرت سلبا على اقتصاديات البلدان المنتجة منذ بداية تراجعها منذ سنتين.

من جهتها، أبرزت الخبيرة في الطاقة امريتا سان التغير المسجل في إستراتيجية» الاوبك «لكن نقص التفاصيل بخصوص حصة كل بلد منتج لا يسمح بالإشارة إلى نجاح الاتفاق وتطبيقه وأثره على سوق مشبعة. في حين اشر جامي وبستر محلل بمركز السياسة الطاقوية العالمية إلى أن «الاوبك تسير في الطريق الصحيح».

المحلل البترولي ادوارد مورس، أشار من جانبه إلى «التحديات على المدى الطويل» التي يجب على «أوبك» مواجهتها لاسيما صناعة الغاز الصخري الأمريكي التي مافتئت «تزدهر» وتهدد بخفض الأسعار.

في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية قال الخبير كارين يونغ أستاذ بجامعة العلوم الاقتصادية والسياسية بلندن «أعتقد أن اتفاق الجزائر كان مفاجأة بالنسبة للأسواق»، مؤكدا أن الاجتماع الرسمي المرتقب في نوفمبر سيكون حاسما بالنسبة للبلدان المنتجة للنفط. الخبير أكد انه حتى وإن كان هناك أثر إيجابي فوري على الأسعار فإن أعضاء «الاوبك» أمامهم شهران لاستكمال الاتفاق، مضيفا أن «الاتفاق لم يبرم بعد».

الإعلام الروسي: الاتفاق لا يشكل خطرا على إنتاج موسكو

الخبير فاسيلي كاربونين أشار لوكالة الأنباء الروسية إلى أن «اتفاق «الاوبك» كان مفاجأة للجميع، بحيث توصلت بلدان المنظمة إلى اتفاق لخفض الإنتاج بالرغم من شكوك بعض المشاركين عشية الاجتماع. 

المتحدث اعتبر أنه «بفضل الإعلان عن هذا الاتفاق قد يستقر مؤشر ميساكس لبورصة موسكو في حدود أكثر من 2000 نقطة بقليل فيما قد يتراجع الدولار إلى ما يعادل 61-62 روبل» (حاليا الدولار يعادل  64 روبل). 

محللة روسية أخرى من مركز «فيغون كونسيلتينغ» ماريا بيلوفا، أوضحت أن اتفاق «الاوبك» لا يشكل أي خطر على الإنتاج الروسي، كون الأمر يتوقف -على حد قولها- على بنود الاتفاق المبرم في الجزائر. وأوضحت أن هذا الاتفاق لا يشكل خطرا بالنسبة لروسيا التي عرفت خلال السنوات الأخيرة توجها نحو الارتفاع فيما يخص إنتاجها النفطي حسب المحللة. 

وسائل الإعلام الروسية الأخرى أوضحت أن اتفاق الجزائر «قد أنعش بشكل محسوس أسعار النفط»، مؤكدة أن هذا الاتفاق هو الأول من نوعه منذ 2008. وأوضحت وكالة الأنباء الروسية أنه «بفضل اتفاق الجزائر ارتفع سعر البرنت لشهر نوفمبر 2016 بـ4 بالمائة أي إلى 35ر48 دولار للبرميل في بورصة لندن»، مضيفة أن الاتفاق أعطى إشارات ايجابية للسوق النفطية. 

من جهتها، نقلت وكالة «سبوتنيك» تصريح وزير النفط الإيراني بيجان زنغنيه الذي قال إن «أسعار النفط ارتفعت بـ6 بالمائة بعد اتفاق الاوبك» وأن «الاوبك اتخذت قرارا استثنائيا وتمكنت من التوصل إلى إجماع لضبط السوق» .

الوكالة أشارت أيضا إلى أن «الاوبك» ستحدد أيضا حجم الإنتاج لكل بلد عضو سيتم عقد اجتماع يوم 30 نوفمبر لهذا الغرض، مضيفة أن البلدان الأعضاء في «الاوبك» تعتزم أيضا دعوة البلدان المنتجة غير الأعضاء في الاوبك إلى الانضمام إلى هذا الاتفاق و بالتالي تقليص الإنتاج. 

قناة «روسيا اليوم» أشارت من جانبها إلى أن التوصل إلى هذا الاتفاق جاء بعد تراجع في حدة التشنج السعودي– الإيراني الذي كان قطع أي أمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق يعيد التوازن إلى أسواق البترول.

الصحافة الفرنسية: استغراب وتفاجؤ وإحباط لدى سائقي السيارات

الصحافة الفرنسية تباينت في تحليلاتها بخصوص نتائج اجتماع «اوبك» رغم أنها وصفته بـ«التاريخي». فقد أشارت يومية «لوموند» في طبعتها الالكترونية إلى أن قرار تخفيض الإنتاج  حدث «تاريخي»، مشيرة إلى أن الخبر «أدى بسرعة إلى ارتفاع أسعار الخام التي اختتمت في ارتفاع واضح بنيويوك في وقت كانت الأسواق تنتظر عدم توصل الاجتماع إلى اتفاق» .

اليومية الاقتصادية «لي زيكو» قالت إن قرار الاوبك فاق كل التطلعات، مشيرة إلى أن هذا الإعلان «المفاجئ» أدى إلى رفع أسعار البترول حيث زادت بحوالي 5% وتجاوز البرنت سعر 48 دولارا. 

الجريدة ذكرت أنه قبل اتفاق الجزائر كان المختصون يقللون من حدة تأثير التجميد على الأسعار «في حين لم تنتج العديد من البلدان (منها العربية السعودية وروسيا) أبدا بهذا القدر»، مشيرة إلى رئيس «فيتول» الذي اعتبر في حديث خص به «بلومبرغ» أن تجميد المستويات الحالية «لا يكفي لرفع الأسعار وكذا مدير الوكالة الدولية للطاقة فتيح بيرول الذي صرح أنه لا ينتظر إعادة توازن للسوق قبل منتصف 2017. 

يومية «لوفيغارو» الفرنسية أوضحت أن المنظمة خلقت المفاجأة بعد قرار الدول الأعضاء في منظمة الاوبك تخفيض إنتاج النفط بصفة طفيفة ودعم الأسعار، مشيرة إلى أن الملاحظين يفضلون «التحلي بالحذر» لأنه «لا احد كان ينتظر هذا الاتفاق».

صحيفة «لوباريزيان» التي أولت اهتمامها بالدول المستهلكة علقت على نتائج اجتماع الجزائر بأنه «خبر سيء بالنسبة لسائقي السيارات في الوقت الذي سيفتتح فيه الصالون الدولي للسيارات أبوابه بباريس من 1 إلى 16 أكتوبر المقبل»، مشيرة إلى أنه «على عكس ما كان منتظرا فإن الدول المنتجة للنفط توصلت إلى اتفاق لتخفيض إنتاجها بغية رفع أسعار النفط» .

صحيفة «واست فرانس» وصفت الاتفاق «بالمفاجأة» مركزة على إثر هذا القرار المفاجئ. واعتبرت أن قرار منظمة الاوبك يعد «أهم» قرار بخفض الإنتاج منذ ذلك المتخذ بعد انهيار الأسعار خلال أزمة 2008. كما أشارت إلى أنه هناك «تغيرا جذريا» في موقف المملكة العربية السعودية «التي كانت ترفض لحد الآن التفكير في خفض إنتاجها إذا ما لم تتخذ الدول الأخرى نفس المنحى». 

قناة فرانس 24 وصفت من جانبها توصل الدول المصدرة للنفط المجتمعة في الجزائر إلى تخفيض إنتاج النفط بـ»الاتفاق التاريخي».

في المقابل استغربت وسائل إعلام فرنسية أخرى توصل المجتمعين إلى هذا القرار، فقد تساءلت القناة الإخبارية الفرنسية «بي.أف.أم. تي في» عبر موقعها حول كيفية تمكن الجزائر من اقتناص اتفاق بدا إلى وقت قريب صعب التحقيق، مشيرة في هذا الصدد إلى التأثير الذي لعبته الدبلوماسية الجزائرية.

وكالة الأناضول التركية أشارت إلى أن أعضاء منظمة «أوبك» توصلوا إلى اتفاق لتثبيت سقف الإنتاج خلال اجتماع الجزائر «غير الرسمي»، الذي تحول إلى اجتماع استثنائي واصفة إياه بـ»التاريخي» .

وكالة «دوتشي فيلله» الألمانية أوضحت أن اجتماع «أوبك» في الجزائر جرى بعد مفاوضات شاقة وخلافات عميقة، مضيفة انه رغم ورود أنباء عن موافقة «مشروطة» للسعودية وإيران على خفض إنتاجهما، فإن القرار الحاسم سيتخذ في اجتماع فيينا بنوفمبر القادم.

مواقع عربية:اجتماع الجزائر تحول إلى اجتماع استثنائي

موقع «الرياض بوست» السعودي أشار إلى أنه على عكس ما كان متوقعا اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، على خفض إنتاجها النفطي للمرة الأولى منذ 2008 وذلك بعد أن كانت كل المؤشرات تشير إلى فشل مؤتمر الجزائر في إنهاء الخلاف السعودي الإيراني حول مستويات الإنتاج.

الخبير السوري مناف قومان كتب في موقع «نون بوست» أن اجتماع «أوبك» بالجزائر تحول إلى اجتماع استثنائي بعد الخطوة الجديرة بالاهتمام التي تحققت فيه، حيث تمخض عنه إنشاء اللجنة التقنية العالية على مستوى «أوبك» لتحديد الآليات المتعلقة بتنفيذ قرار التجميد وتوزيع الحصص بين بلدان أوبك إلى غاية الاجتماع الدوري المقرر لمنظمة «أوبك «في فيينا في نوفمبر المقبل.

«سكاي نيوز عربية» كتبت مقالا تحت عنوان «التكهنات بشأن اجتماع أوبك تصعد بالنفط»، مشيرة إلى أن أسعار النفط ارتفعت بأكثر من 2 بالمائة يوم الأربعاء، وذلك في تعاملات طغى عليها التقلب بسبب تكهنات بأن أعضاء منظمة (أوبك) المجتمعون في الجزائر قد يتفقون على تثبيت الإنتاج في نوفمبر.

موقع «سي ان بي سي» عربية أشار من جانبه إلى أن الاتفاق التاريخي لـ»اوبيك «مكن من صعود أسعار النفط إلى نحو 6 بالمائة عند التسوية بعد الكشف عن الاتفاق الذي سيوضع موضع التنفيذ خلال الاجتماع الرسمي للمنظمة في نوفمبر. وهو ما ذهب إليه موقع «الجزيرة مباشر» الذي وصف الاجتماع بالتاريخي بعد صعود أسعار النفط بنحو 6 بالمائة. أما «الجزيرة نت» فأوضحت أن أسواق النفط تترقب مزيدا من التفاصيل بشأن الاتفاق الذي توصلت إليه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لخفض الإنتاج وآليات التنفيذ.

على صعيد آخر، اكتست معظم مؤشرات البورصات حول العالم في تداولاتها بالأخضر أول أمس بعد الاتفاق المفاجئ لمنظمة «أوبك» حول تجميد الإنتاج.