عن "لامارتان" الفرنسية

سيمون يصدر "مصطفى بن بولعيد، محرّك الثورة الجزائرية"

سيمون يصدر "مصطفى بن بولعيد، محرّك الثورة الجزائرية"
  • القراءات: 2869
 ن.ج ن.ج

"مصطفى بن بولعيد، محرّك الثورة الجزائرية" هو عنوان المصنف الجديد للمؤرخ الفرنسي جاك سيمون الذي صدر مؤخّرا عن منشورات "لارمارتان" الفرنسية، في محاولة لإبراز مدى تأثير أحد أهم الفاعلين في تفجير الثورة التحريرية في نوفمبر 1954 وحنكته السياسية، حيث أوضح المؤلف أنّه "سعى لتأليف كتاب حول قائد الأوراس الذي سبق أن تطرّق بإيجاز كبير لدوره في كتابه المعنون "نوفمبر 1954".

بعد أن ذكّر بمسار بطل الثورة التحريرية ووصف المحيط الاجتماعي والجغرافي الذي نشأ فيه، أكّد صاحب المؤلف الواقع في 147 صفحة أنّ "شخصية ابن بولعيد تبلورت كشخصية رجل ريفي يتمتّع بدراية متميّزة لتضاريس (الأوراس)، موضّحا أنّ "الرجل كان يحظى بالتقدير لجديته ونزاهته وتحفّظه"، واصفا ابن بولعيد بأنه "رجل قوي مفتول العضلات صاحب إرادة قوية"، وأضاف "ابن بولعيد أصبح معروفا ومحترما في منطقة الأوراس (...) كما أنه كان مهتما بالوضع السياسي". 

وحسب مصادر المؤرّخ، فإنّ محمد بلوزداد الذي كلّفه حزب الشعب الجزائري بتنظيم فيدرالية قسنطينة سنة 1946، هو الذي كان وراء انخراط مصطفى بن بولعيد في الحزب، فقد جاء في المؤلف أنّه مع تأسيس المنظمة الخاصة، كلّف ابن بولعيد بوصفه مسؤول منطقة الأوراس بتخزين الأسلحة المسترجعة في ميادين المعارك في ليبيا وتونس في مزرعته وكذا البدلات العسكرية التي كانت تباع في أسواق الملابس البالية في باتنة. ويضيف جاك سيمون أنّ ابن بولعيد، وفضلا عن نشاطاته السرية في إطار التحضير لحرب التحرير، لعب دورا اجتماعيا وسط جماهير منطقة الأوراس. 

لتوضيح هذا الدور ـ حسب وكالة الأنباء الجزائرية - كتب المؤرّخ أنّ ابن بولعيد كسياسي محنك ومسؤول نبيه وصارم، كان يسوي الخلافات بين الدواوير ويصلح بين قبيلته وقبيلة بني سليمان اللتين كانتا على خصام، كما أنه نصب ضمن كل مشتة خلية تابعة لحزب ملحقة بقسمتي أريس وفم الثوم". وأضاف أنّ هذا الدور سمح له بجمع "قدماء جنود الجيش الاستعماري وأعضاء المنظمة الخاصة و(الفلاقة) التونسيين وبعض الخارجين عن القانون بعد تدنيس شرفهم ممن بدؤوا يهتمون بالسياسة في سنوات الخمسينيات". 

لكن التزامه الأكبر لصالح تحرير الجزائر تجلى حين رهن كلّ ممتلكاته لتمويل الثورة حين افتقر حزب الشعب الجزائري للمال، وتطرّق المؤلف لتوقيف ابن بولعيد ومحاكمته أمام المحكمة العسكرية بقسنطينة وفراره من السجن في مرحلة انتشر مدى الثورة التحريرية فيها إلى كامل التراب الجزائري، حيث ذكّر بأنّ "فرار ابن بولعيد وإعادة تشكيل ولاية الأوراس ومشروع تشكيل قيادة عامة لجيش التحرير الوطني عزّز موقفه كمحرك رئيسي للثورة الجزائرية". 

واستدل المؤلف برسالة تركها القائد الثوري لسجانيه مبرزا فيها أنّ "السلم والرفاه بالنسبة للشعب الجزائري يتمثّلان في جمهورية جزائرية منتخبة بالتصويت العام دون أي تمييز عرقي أو ديني"، واعتبر جاك سيمون الذي يشرف على مركز الأبحاث والدراسات حول الجزائر المعاصرة بباريس أنه آن الأوان لاعتبار ابن بولعيد المحرك الفعلي للثورة الجزائرية  من أجل انتزاع الاستقلال وتأسيس الأمة الجزائرية.