مشروع "المضرب" الفني

سعي لاستعادة الذاكرة العاصمية

سعي لاستعادة الذاكرة العاصمية
  • القراءات: 584
 ق.م ق.م

يشهد حي الحامة التاريخي بالعاصمة حركة غير معتادة على مستوى الحظائر المنسية، حيث يعمل فنانون بالتعاون مع السكان على استحضار الذاكرة الجماعية للمكان من خلال تظاهرة ثقافية غير مسبوقة، اقترحتها جماعة "ترانس ثقافة حوار" التي سميت "المضرب" (المكان) على مستوى حظيرتين تخضعان لعملية تهيئة وتجميل، وفعاليات متنوعة على شكل فن الشارع وعروض لأفلام،  بمشاركة السكان مباشرة في الأنشطة...

تم تنظيف وتهيئة الفضاء الأول، وهو عبارة عن حظيرة قديمة تابعة للشركة العمومية للنقل - يرشح أن يكون المقر الجديد للمجلس الشعبي لبلدية بلوزداد- من أجل السماح لـ7 فنانين من إنجاز جداريات مستوحاة من "قصص حضرية" قام بجمعها المنظمون من سكان الحي على وجه الخصوص. 

يجد الزائر ضمن الإنجازات التي تحققت في هذا الفضاء نصبا يمثل يدين ضخمتين، أقيمتا فوق قاعدة ضخمة، وهي من إبداع الفنان ""سير داس"و مستوحاة من سيرة "زوجين إسبانيين" كان يعملان في صنع المدخنات، "إلى جانب أعمال أخرى غنية بالألوان من إنجاز فنانين آخرين.  اندمج الأطفال والمراهقون الذين رأوا في هذا الفضاء الذي بقي مغلقا لمدة طويلة، مساحة للعب في الأعمال والأنشطة الثقافية المبرمجة، وساهموا في أشغال طلاء جزء من الحظيرة مستخدمين الأدوات التي وضعها في متناولهم المنظمون. 

كما ساهم في هذا العمل "قدماء "الحي وأعضاء الجمعيات الذين سهروا على السير الحسن للتظاهرة وتنشيط النقاشات التي تلت العروض السينمائية التي نظمت بالمناسبة.

نوه السكان الذين فضلوا متابعة عن بعد هذا النشاط غير المألوف في حيهم، مما يشجع على إيقاظ الحس الفني لدى الشباب في هذا الحي الشعبي الذي يحتضن أحد أقدم الأنسجة الحضرية في الجزائر العاصمة.

يتجلى هذا العمل التحسيسي والثقافي أيضا على مستوى الفضاء الثاني من "المضرب"، وهو عبارة عن حظيرة ملك للديوان الوطني لتسيير واستغلال الأملاك الثقافية المحمية، حيث أقيمت العروض السينمائية التي بدأت بفيلم "الأفيون والعصا" لأحمد راشدي الذي قدم تلبية لرغبة قدماء الحي، مرورا بأفلام حديثة، منها فيلمي حسان فرحاني المستنبطة مواضيعها من تاريخ هذا الحي العتيق وضواحيه، مناسبة لإحياء ذكريات أيام كان فيها الحي يعج بقاعة العرض "الروكسي والميسي وغيرها"، والتي أصبحت اليوم إما مغلقة أو حوّل نشاطها. 

للإشارة، سمحت هذه التظاهرة، إضافة إلى الجانب التنشيطي والثقافي للفنانين والمهنيين، من مناقشة "مكانة الذاكرة الجماعية في التخطيط المدني المستقبلي" بالعاصمة، وقد رافع مهندسون بالمناسبة من أجل إعادة الاعتبار لهذه الأماكن وحماية المباني القديمة في هذا الحي الغني بعمرانه المميز، الذي عرف منذ الاستقلال تحولات كثيرة. 

كما دعا المختصون الذين شاركوا في الندوة السلطات المحلية إلى الاهتمام أكثر بـ"رهانات التنمية المستدامة" و"الأثر الاجتماعي والإنساني "في مشاريع تهيئة الأحياء". 

الجدير بالذكر أن عملية إعادة الاعتبار لفضاءات الصناعية المهملة أيضا رهينة الخواص الذين يملكون "76 بالمائة من الحظيرة العقارية  في مثل هذه الأحياء، حسب الأرقام المقدمة من قبل أحد المنتخبين على مستوى البلدية. 

يسعى أصحاب مشروع "المضرب" وفنانون آخرون (تشكيليون وسينمائيون ومصورون...) من جهتهم إلى تحفيز "الوعي بهذا الثراء المعماري والتذكاري الذي تعتبر صيانته وحفظه من بين الأولويات.