العلاّمة الشيخ الصديق ميهوبي

من فتح الكتاتيب أثناء الثورة إلى نشر العلم بعد الاستقلال

من فتح الكتاتيب أثناء الثورة إلى نشر العلم بعد الاستقلال
  • القراءات: 1148
 حكيم.ب حكيم.ب

يُعتبر المرحوم الشيخ الصديق ميهوبي العارف بأمور الدين والضليع في اللغة والنحو، فقيها من الطراز العالي في الجزائر، مكّنه ذلك من أن يصبح من القامات الكبيرة المشهورة في الأوراس ومن بين أفضل الإطارات الدينية في الجزائر.

العلاّمة الصديق ميهوبي من عرش أولاد سلطان وُلد في 07 جوان 1910 ببلدية بومقر دائرة نقاوس. تربَّى في كُتّاب القرية، واستطاع أن يغترف المبادئ الأولى للغة والدين على يد والده رحمة الله عليه، لينتقل بعدها طالبا بمختلف مدارس جمعية المسلمين الجزائريين، ليلتحق في الأخير بجامع الزيتونة بتونس؛ حيث تخرّج منه سنة 1936 بعدما تحصّل على شهادة التطويع.

وصادف أن كانت الانطلاقة الأولى له في مجال التدريس بالتحاقه سنة 1937 مدرسا بمدرسة غنام لتحفيظ القرآن بمنزل الشيخ أحمد بن علي غنام في مشتة عين أفحصي بعرش أولاد سلام بتالخمت ضواحي رأس العيون، مكث هناك مدة عام كامل، استطاع خلاله أن يلقّن طلبته دروسا في مواد الفقه في مجال الصلاة من كتاب الشيخ خليل، والتوحيد من كتاب "جوهر التوحيد"، والنحو من كتاب "القطر" وألفية ابن مالك، ليتم اختياره سنة 1940 من طرف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والذي يُعد من بين أحسن طلابها للتعليم بالمدرسة الحرة – اليوسفية – التي أشرف على تأسيسها الشيخ حمادي بن يوسف رحمه الله بمحاذاة مسجد سبع رقود بنقاوس إلى غاية اندلاع الثورة. وفي سنة 1955 التحق بجبال تاكسلانت هروبا من ملاحقة المستعمر له بعد إغلاق المدرسة واعتقال مؤسسها، ليشرف من جديد على مدرسة قرآنية أخرى بمركز مسعود بن جعفر التابع لجيش التحرير، وذلك بأمر من مسؤولي القسمة الأولى من الناحية الرابعة المنطقة الأولى أوراس النمامشة، حيث تعلمت على يديه أعداد كبيرة من طلبة مناطق أولاد سي سليمان وأولاد حمود وأولاد أحمد، وأولاد فاطمة، من بينهم السعيد بدعيدة ومحمد بن مرزوف العاملان حاليا في سلك التوثيق والمحاماة.

 مكث المجاهد الصديق ميهوبي ينشر العلم ويحارب الجهل إلى غاية الاستقلال، وترشح سنة 1962 للالتحاق بالتعليم، فدرس بمتوسطة شرقي العاصمة هناك إلى غاية 1975؛ حيث انتقل للتدريس بمتوسطة محمد خميستي بسطيف إلى أن بلغ سن التقاعد عام 1975.

اختار العيش في الظل بمدينة نقاوس إلى أن وافته المنية سنة 2012. رحلة سخّرها كلها في الجهاد ومحاربة الجهل ونشر العلم وإصلاح ذات البين بين الناس وحل كبريات المشاكل بين الأعراش في الأوراس بإسهام كبير بفضل مجالسة الكبار وتمرسه في شؤون الدنيا وخبرته العلمية الواسعة، وكذا تفقهه في الأمور الشرعية وبالأخص كل ما يتعلق بالميراث والتركة.