تلاحق هفواتها الدبلوماسية أفقدتها مصداقيتها

الرباط تدفع سوء تقدير مواقفها الدولية

الرباط تدفع سوء تقدير مواقفها الدولية
  • القراءات: 1241

عاد المغرب ثلاثون سنة إلى الوراء من خلال قرارات وانتكاسات دبلوماسية متلاحقة أكدت جميعها أخطاء سوء التقدير التي وقع فيها، وهو يحاول الآن إصلاحها بعد أن تيقن من فشل سياسة الكرسي الشاغر التي اعتمدها في تعاملاته الإفريقية، ظنا منه أنها تحقق رغبته في ضم الصحراء الغربية.

فبعد إذعانه مكرها لإعذار مجلس الأمن الدولي بالسماح بعودة المكون المدني لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية "مينورسو"، كان قبلها قد التمس الانضمام إلى عضوية الاتحاد الإفريقي في نفس الوقت الذي أكدت فيه مصادر مغربية عن مساعي باشرتها الرباط لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع دولة جنوب إفريقيا التي قطعتها معها سنة 2004 احتجاجا على اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية.

وهي سلسلة انتكاسات ستكتمل حلقاتها بعد أن يرضخ المغرب لسياسة الأمر الواقع التي فرضها مجلس الأمن الدولي وجعلت "الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يؤكد التزامه بضمان عودة باقي أفراد البعثة الأممية إلى مدينة العيون في الأسابيع القادمة". 

وهو ما أكد عليه البشير مصطفى، وزير الدولة المستشار برئاسة الجمهورية الصحراوية الذي أعاب على الأمم المتحدة قبول استخدام المغرب أسلوب التقسيط بالسماح بعودة 25 عنصرا فقط من موظفي "مينورسو" في تعارض مع قرار مجلس الأمن الذي نص على عودة كل أعضاء البعثة الـ84 للاضطلاع بمهمتهم التي أوكلت لهم.

ورغم ذلك، فإن رضوخ المغرب عكس درجة التخبط التي يعاني منها، وهو الذي أكد أن قرار طرده لموظفي بعثة "مينورسو" شهر مارس الماضي لا رجعة في تصرف وصفه أحمد بوخاري ممثل جبهة البوليزرايو في الأمم المتحدة بـ "الضربة الموجعة للمغرب". 

ولا يستبعد أن تتراجع السلطات المغربية في سياق تواتر فشل دبلوماسيتها عن قرارها الرافض أيضا التعامل مع كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية خاصة أن مهلة التسعون يوما التي حددها مجلس الأمن الدولي لمباشرة الدبلوماسي الأممي مهمته لاستئناف مسار المفاوضات بين الجانبين الصحراوي والمغربي تنتهي اليوم.

وجاءت هذه التوقعات في وقت كشف فيه أحمد بوخاري أن كريستوفر روس وجد صعوبات في إقناع المغرب لاستئناف المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب.

وكان روس أطلع ممثل جبهة البوليزاريو خلال اللقاء الذي جمعه به بنيويورك بمناسبة اجتماع مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي على جملة العراقيل التي وضعتها أمامه السلطات المغربية للحيلولة دون بعث مسار المفاوضات.

ويبدو أن المغرب لم يحفظ الدرس جيدا بخصوص التعامل مع كريستوفر روس حيث سبق له أن رفض استقباله في جولات سابقة بدعوى انحيازه إلى جانب الطروحات الصحراوية ولكنه اصطدم بموقف الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي تمسك بالمبعوث الأممي ولم يجد المغرب بدا من التعامل معه مكرها.

وهي انتكاسات متلاحقة سيواجهها إن هو سعى فعلا إلى الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي الذي سيلتحق به عضوا جديدا وليس بتلك الشروط التعجيزية التي فضحتها نكوسازانا دلاميني زوما، مفوضة الاتحاد الإفريقي  التي أكدت في بيان قطع الشك باليقين أن المغرب سينضم شأنه شأن كل دولة افريقية تريد ذلك دون فرض شروط مسبقة.

والأكثر من ذلك، فإن قبوله الانخراط في الاتحاد الإفريقي يعني بصورة آلية الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية التي كان قد غادر عضوية منظمة الوحدة الإفريقية بسببها سنة 1984. 

وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك بأن المغرب "إذا كان ينوي الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي فما عليه سوى تقبل الواقع الدولي بوجود الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية واحترام القواعد" المسيرة للاتحاد بما فيها مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار.

ونفى الوزير الصحراوي وجود وثيقة موقعة من طرف 28 بلدا إفريقيا زعمت السلطات المغربية أنها طالبت بطرد الصحراء الغربية من الاتحاد الإفريقي" قبل أن ينفضح أمرها بمناسبة قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة بمدينة كيغالي الرواندية.

وقال ولد السالك إن التصرفات المغربية عكست درجة العزلة الدولية التي تتخبط فيها الرباط مما جعلها تسعى إلى إلهاء الرأي العام الدولي بمثل هذه المناورات ومنها تصريحه بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي على حساب الصحراء الغربية التي تعد مغالطة ومناورة مآلها الفشل تماما كما هو أمر مناوراته السابقة.