رغم أن احتواء الظاهرة في متناول اليد

الخزينة تخسر الملايير كل موسم اصطياف

الخزينة تخسر الملايير كل موسم اصطياف
  • القراءات: 721
حنان.س حنان.س

أوضح ناصر آيت مجبر، رئيس مكتب ولاية الجزائر للفدرالية الجزائرية للوكالات العقارية، أن مبالغ طائلة تخسرها الدولة جراء كراء السكنات بالقرب من الشواطئ خلال كل موسم صيفي. وقال في تصريح لـ«المساء" إن ظاهرة الإيواء لدى الساكن معروفة منذ سنوات وهي في اتساع مستمر إلا أن الفوضى التي يشهدها سوق العقار بشكل عام يؤخر تنظيم هذه الصيغة بالرغم من سهولة الأمر، مما يجعل الخزينة العمومية تخسر الملايير دون رقيب أوحسيب.

اعترف ناصر آيت مجبر أن كراء السكنات المحاذية للشواطئ في الصيف تعتبر حقيقة الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة لأصحاب السكنات، وتأسف لكون هذه الصيغة لم تجد بعد طريقا للتنظيم تماما مثل تنظيم سوق استئجار وبيع العقار بالوطن. وقال إن الأمر لا يتطلب عصا سحرية، بل يكفي فقط أن ترمي أجهزة الدولة بثقلها في الموضوع حتى تتضح الصورة وتنتظم الأمور.

وتحدث آيت مجبر عن مقترحات ستعمل الاتحادية الوطنية للوكالات العقارية على رفعها مع الدخول الاجتماعي المقبل للوصاية من أجل تنظيم أحسن للمهنة ولسوق التعاملات العقارية، بما في ذلك تنظيم صيغة الإيواء لدى السكان ليس في الموسم الصيفي فحسب وإنما باقي أيام السنة، حيث أكد أن هذه الصيغة تلقى إقبالا خاصة من طرف العائلات القاصدة للمدن الكبرى بغرض العلاج، ويضطرها ذلك للبحث عن إيجار شقة لو مسكن لأسبوع أو شهر على أكثر تقدير.

ومن ضمن المقترحات، يعود مطلب ضبط المهنة وهذا عن طريق اعتماد قانون يهدف إلى ضمان تسيير أحسن لهذا المجال ليفرض نفسه بإلحاح، "علما أنه قد سبق للفدرالية الجزائرية للوكالات العقارية أن قدمت اقتراحاتها في السياق لمختلف الأطراف المعنية سواء وزارات السكن، المالية والتجارة وحتى للمجلس الشعبي الوطني من أجل إيجاد أرضية قانونية هدفها تأطير أحسن للمهنة وكذا التكفل بجميع الجوانب لاسيما العلاقة بين الزبون والوكالة، ولكن بقيت الأمور على حالها ونتساءل لماذا؟".

ويشير الواقع إلى اتساع ظاهرة كراء السكنات المحاذية للشواطئ بالمدن الساحلية لدرجة التشبع، أي انعدام سكنات شاغرة للكراء طوال الموسم الصيفي، حيث يوضح المسؤول أن عملية الاستئجار تبدأ خلال الثلاثي الثاني من السنة وفق رزنامة محددة تماما مثل كراء قاعات الحفلات:«المستأجر يقوم بكراء مسكنه لعدد من الأشخاص وفق برنامج مضبوط مسبقا، حيث يستأجر المسكن كل 10 أيام وهناك من يستأجر السكن شهرا كاملا إلا أن ذلك مكلف جدا"، يقول آيت مجبر، ملفتا إلى أن معدل كراء سكن بمدينة تيڤزيرت بولاية تيزي وزو وصل الأسبوع المنصرم ما بين 5000 دج إلى 10000 دينار، وهو نفس المعدل المتعامل به تقريبا بولاية بومرداس وبالعاصمة كذلك بالنسبة لمدن الرغاية شاطئ والهراوة وعين طاية. في الوقت الذي يصل كراء فيلا بمسبح حدود 20 ألف دينار لليلة الواحدة.

في السياق، تأسف محدثنا لحجم المبالغ التي تتداول بالسوق الموازية للعقار والتي تخسر بموجبها الخزينة العمومية الملايير، وقال "فرضا أنه لو استقبلنا مليون مصطاف وكل مصطاف دفع مليون سنتيم لليلة الواحدة ففي الشهر الواحد يتم تداول 30 مليون سنتيم كلها خارج الأطر القانونية، والحقيقة تشير إلى استقبال ملايين المصطافين، ما يعني تداول الملايير خارج الأطر القانونية ودون دفع فلس واحد للخزينة العمومية وهذا تهرب ضريبي معلن".

ويلجأ عدد كبير من الجزائريين خاصة من ولايات الجنوب والولايات الداخلية إلى استئجار سكنات بالمدن الساحلية رغبة في تمضية عطلة، خاصة منهم عائلات أطفال ناجحين في تمدرسهم أوالفائزين بشهادات دراسية، تم وعدهم بتمضية أسابيع على الشاطئ عرفانا لجهودهم، وهو ما زاد في اتساع رقعة هذه التجارة الموسمية المدرة لأرباح طائلة.

وبما أن الرحلات نحو الخارج لاسيما دول أوروبا تتطلب أموالا كبيرة ووقتا طويلا لاستخراج الفيزا، ناهيك عن تسجيل بعض الاضطرابات الأمنية بدول ألف الجزائريون السفر إليها خاصة منها تونس ومصر وحتى تركيا، فإن التحول نحو السياحة الداخلية بدا يزداد السنة تلو الأخرى، وحتى في ظل غياب الهياكل الفندقية وهو ما جعل صيغة الإيواء لدى السكان تلقى الإقبال الكبير، غير أن هذه الصيغة لا تزدهر في الصيف فحسب بل تعرف اتساعا على مدار السنة، يشرح السيد ايت مجبر ملفتا إلى أن الكثير من المدن التي تضم عيادات أو مستشفيات أو مراكز علاج خاصة لمكافحة السرطان، تعرف السكنات بها طلبا مكثفا من أجل الكراء، "ولكن قد يصطدم هؤلاء بانعدام شقق للإيجار بسبب حالة التشبع".

من جهة أخرى، يفيد محدثنا أن المجتمع الجزائري لديه "فوبيا العزاب" أي فيه رفض لإيواء عزاب لدى العوائل وهو ما عرف بصيغة "البونسيون"، ملفتا إلى أن الفوبيا هذه لا تستثن الشابات العازبات أيضا، وأوضح أنه لو تلعب السلطات المعنية بما فيها الأمن الدور المنوط بها لتغيّرت الأمور نحو الإيجاب كثيرا.."بما في ذلك تنظيم سوق العقار الذي يمر 10% منه فقط عبر الوسيط القانوني الذي هو الوكيل العقاري بينما تحصد السوق الموازية 90% المتبقية".