أحمد قبايلي وعبد القادر زعاف

الثنائي الجزائري الذي وضع حدالسيطرة الدراجين المعمرين 

الثنائي الجزائري الذي وضع حدالسيطرة الدراجين المعمرين 
  • القراءات: 961

"الدراجات" كانت من بين الخيارات التي اتخذها الجزائريون كسلاح للنضال ضد المستعمر الفرنسي، والأمثلة كثيرة على أولئك الذين مارسوا هواياتهم المفضلة في الرياضة، ثم سقطوا في ميدان الشرف. وقد برزت طاقاتهم على مختلف الأصعدة، منها كرة القدم والملاكمة وألعاب القوى ورياضة الدراجات التي كان لها مع الجزائريين تاريخ طويل يعود إلى عهد الاستعمار الفرنسي. شارك البعض منهم في منافسات شمال إفريقيا وحتى في دورات فرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ والمغرب وفي الدورات المشهورة آنذاك في العالم.

كان أحمد قبايلي وعبد القادر زعاف من أبرز الدراجين الجزائريين في تلك الفترة، الأول خاض ممارسة رياضة الدراجات سنة 1940 وعمره لا يتجاوز العشرين سنة. قبايلي الذي ولد بالعفرون سنة 1925، وضع حدا لسيطرة الدراجين المعمرين في سباق "جائزة دانلوب" الشهيرة من خلال إحرازه على المركز الأول في أولى مشاركته، وتطور مستواه فيما بعد ليشارك أربع مرات في دورة فرنسا للمحترفين التي احتل في إحدى سباقاتها المركز الثالث، ثم خاض دورات أخرى في المغرب وسويسرا، نال فيها مراتب مرموقة زادت في شهرته كدراج صاحب مقاومة وفنيات كبيرة. وقد فرض قبايلي سيطرة مطلقة في سباقات الدراجات التي كانت تنظم في الجزائر وفاز تقريبا في كل مراحلها. وعند استقلال الجزائر، انضم إلى المنتخب الوطني ليشكل مع دراجين آخرين مجموعة رائعة على مسالك المنافسات، حيث كان يواجه ببراعة وشجاعة كبيرتين أحسن الدراجين العالميين هواة الذين كانوا يأتون إلى الجزائر، واستطاع أن يفرض سيطرة مطلقة على المستويين المغاربي والإفريقي. وعند توقفه نهائيا عن السباقات، أصبح قبايلي رئيس الاتحادية الجزائرية للدراجات لفترة طويلة، قبل أن يتوفاه الله سنة 1973.

زعاف سيطر على كل السباقات

عبد القادر زعاف الذي لا يزال يعتبر أشهر دراج جزائري على الإطلاق، ولد سنة 1917 بمنطقة الشبلي. وقبل أن يصبح دراجا محترفا، سيطر على كل سباقات شمال إفريقيا والجزائر خلال الثلاثينات، حيث كان يتسابق بألوان "النادي المسلم" للدراجات (VCM) بمنطقة المتيجة. وفي عام 1946، نال عبد القادر زعاف لقب بطل الجزائر، ليمضي فيما بعد عقود احترافية مع عدة أندية، منها نادي "فولتا" ونادي "دوراكلة" وأصبح عضوا في المنتخب الوطني الفرنسي، وقد أتيحت له فرصة المشاركة أربع مرات في دورة فرنسا الاحترافية خلال سنوات 48، 50، 51 و52، وكانت أحسنها دورة عام 1950 التي سيطر فيها على مسالكها واستطاع أن ينفرد بالمقدمة قبل الوصول النهائي ببعض الكيلوميترات، لكن انفلاته عن القافلة لم يكن في الاتجاه الصحيح، فأخطأ الطريق لعدم وجود مرافقين رسميين للدورة يدلونه على المسلك الذي كان من المفترض أن يتبعه. وقد ترددت عدة روايات عن تلك الحادثة التي كان ضحيتها عبد القادر زعاف، منها واحدة تبدو خالية من الحقيقة، مفادها أن زعاف يكون قد تناول قارورة مشروبات فيها خليط من الكحول، قيل إنه تسلّمها من أحد المتفرجين المصطفين على الطريق لمشاهدة القافلة، لأن زعاف كان معروفا عنه في تلك الفترة حسن أخلاقه والتزامه بتعاليم دينه، والحقيقة في كل هذا حسب روايات متطابقة، أنه اضطر إلى الانسحاب من السباق بعدما تعرض لإرهاق شديد.

فاز عبد القادر زعاف بعدة سباقات في دورات سويسرا والمغرب، وتفوق 27 مرة في مجموع السباقات التي خاضها في مشواره الرياضي. توفي عبد القادر زعاف سنة 1986 في الجزائر، وخلفه ابنه الطاهر في هذه الرياضة وكان خير خلف لخير سلف.ولم يكن قبايلي وزعاف الدراجين الوحيدين اللذين كانا يزاحمان الدراجين المعمرين في تلك الفترة، حيث برز جزائريون آخرون، مثل أحمد شيبان الذي شارك هو الآخر في دورة فرنسا الاحترافية،  ومختاري وعباس وتوطاح. كل هؤلاء الأبطال الجزائريين تركوا بصماتهم في الرياضة الجزائرية بصفة عامة، ورياضة الدراجات بصفة خاصة، ولا تزال ذكرياتهم محفوظة في ذاكرة الجيل الذي عايش فترات ممارستهم لهذه الرياضة التي ـ للأسف الشديد ـ تراجع مستواها بشكل رهيب بسبب أخطاء فادحة في كيفية تسييرها.