مؤكدا أن الوضع لم يعد يحتمل:

بان كي مون يدعم مسعى الاستفتاء في الصحراء الغربية

بان كي مون يدعم مسعى الاستفتاء في الصحراء الغربية
  • القراءات: 949
مليكة خلاف مليكة خلاف

زيارة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون إلى الجزائر حملت الكثير من الملفات التي تخص علاقات بلادنا مع الهيئة الأممية من جهة، والتطورات التي تشهدها المنطقة على ضوء الانسداد الذي تعرفه القضية الصحراوية والوضع المأساوي للاجئين في المخيمات من جهة أخرى، ليكشف في هذا الشأن عن مهام مبعوثه كريستوفر روس جولاته إلى المنطقة لاستئناف المفاوضات بين طرفي النزاع، غير أن الزيارة لم تغفل أيضا  التحديات الأمنية الخطيرة التي أصبح التنظيم الإرهابي "داعش" يفرضها بفعل الفوضى التي تعيشها الجارة ليبيا، وهو ما جعل  بان كي مون يقر بالدور الأساسي للجزائر في صد إفرازات الوضع الخطير، لا سيما أنها نجحت في دحر آفة الإرهاب بفضل سياسة المصالحة الوطنية التي تمت دسترتها وأثارت إعجاب الأمين العام المغادر قريبا لمبنى نيويورك.

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنه قدم التزاما للصحراويين بالتوصل إلى حل عادل ومقبول من كل الأطراف المعنية بملف الصحراء الغربية، يرتكز على أساس مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي، واصفا الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين بـ«المأساوي" بالقول إن الوضع "لا يحتمل". جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدها الأمين العام الأممي مع وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، إذ أعرب الأمين العام الأممي عن حزنه لما اطلع عليه من أوضاع مزرية مازال يعيشها الصحراويون منذ أكثر من أربعة عقود قائلا في هذا الصدد: "التقيت في تندوف نازحين يقطنون في المخيمات منذ 40 سنة وفقدوا الثقة في المستقبل". أكثر من ذلك، أشار بان كي مون إلى أن الشباب الصحراوي لم يعرف طيلة حياته "إلا الحرب والمخيمات"، مستطردا بالقول إن الكثيرين منهم عبّروا له خلال لقائهم به عن انشغالاتهم وتخوفاتهم من المستقبل. كما أشار إلى أن زيارته إلى المنطقة تهدف أساسا "إلى منحهم الأمل في مستقبل أفضل وإمكانية التوصل إلى حل لقضية الصحراء الغربية". 

الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أكد على ضرورة الالتفات إلى مأساة الشعب الصحراوي في ظل نسيان العالم له، مضيفا أنه يتطلع إلى التفاتة من المجموعة الدولية. واغتنم المناسبة للإعلان عن نيته الدعوة لاجتماع الدول المانحة للصحراء الغربية لبحث الوضع الإنساني وتقديم دعم مالي للتكفل بالحاجيات الإنسانية والإغاثية للصحراويين. في الشق السياسي، أعلن بان كي مون، أن مبعوثه الشخصي للصحراء الغربية، كريستوفر روس، سيستأنف جولاته السياسية من أجل إعادة بعث المفاوضات بين طرفي النزاع في الصحراء الغربية. كما أشار إلى أنه تفقد مقر بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية "المينورسو"، والتقى مع مسؤوليها الذين أكدوا "استعداد البعثة لتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي" وأعلن عن قيامه بزيارة مماثلة إلى مقر البعثة في العيون.

عن جولته التي شملت موريتانيا والأراضي الصحراوية ومخيمات اللاجئين الصحراويين دون التنقل إلى المغرب، أكد بان كي مون أن هدف زيارته للأراضي الصحراوية جاءت بغرض "الإطلاع على وضع حقوق الإنسان في المنطقة بعد 10 سنوات من زيارة سابقة لأمين عام أممي إلى المنطقة"، مضيفا أنه "سيرفع تقريرا بشأن ذلك إلى الهيئة الأممية شهر أفريل المقبل". الأمين العام للأمم المتحدة، أوضح أن زيارته إلى المنطقة تأتي قبل عرض تقريره على مجلس الأمن بخصوص الوضع في الصحراء الغربية، مشيرا إلى أن الهدف من الزيارة يشمل أيضا تحليل الوضع على الصعيد الأمني، بسبب المخاوف من اعتداءات إرهابية واتخاذ التدابير الضرورية لمواجهتها.

بخصوص عدم زيارته المغرب، قال بان كي مون إنه "كان يرغب في زيارة الرباط" إلا أنه "لم يسمح له بذلك" في إشارة إلى الرفض المغربي الذي تحجج بتواجد الملك محمد السادس بباريس في فترة استراحة، ليمضي بالقول إن هذا الأخير لم يكن على استعداد لاستقباله وأبلغه بأنه سيلتقي به قريبا. وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، أكد من جانبه على ضرورة استكمال تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، من خلال إنجاز مهمة البعثة الأممية "المينورسو" في ظل استفتاء عادل وشفاف في ظروف مقبولة يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. للإشارة، تعد الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا يحتلها المغرب منذ 1975 وهي مسجلة من قبل الأمم المتحدة ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار وفقا لقواعد القانون الدولي في هذا المجال.


 

الأمين العام للأمم المتحدة يشيد بدورها الريادي ويؤكد:

الجزائر هزمت الإرهاب والتطرف بفضل سياسة المصالحة

أشاد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، بالدور الريادي لبلادنا في مواجهة آفة الإرهاب، مثمنا في هذا الصدد قرار الرئيس بوتفليقة بدسترة المصالحة الوطنية في الدستور الجديد. كما أشار إلى أنه بفضل سياسة "الرحمة" والمصالحة التي اعتمدتها الجزائر، تمكنت من هزم الإرهاب و التطرف. بان كي مون أشار في ندوة صحفية عقدها بمعية وزير الدولة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، إلى أن الجزائر اختارت هذا النهج رغم الماسي التي خلفتها الآفة العابرة للحدود بالقول "لقد أثار ما علمته حول سياسة الرحمة إعجابي"، مضيفا أن "الجزائر لم تترك الإرهابيين يفرقونها بل توحدت في كنف التضامن"، قبل أن يستطرد بالقول أن أي استراتيجية لمواجهة التطرف العنيف التي لا ترتكز على حقوق الإنسان سيكون مآلها الفشل. الأمين العام الأممي الذي ركز على تفضيل الجزائر لسياسة التضامن بدل التفرقة، لم يخف أيضا إعجابه بالتطور المحقق على الصعيد الأمني وبالانجازات والتطور الذي عرفته الجزائر خلال السنوات العشر الأخيرة، أي منذ آخر زيارة له في 2007 والتي كانت مؤلمة، وذلك عقب التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مقر الأمم المتحدة بالجزائر. 

بان كي مون أوعز هذا التطور إلى النتائج التي تحققت بفضل السياسات التي وضعها الرئيس بوتفليقة لإرساء دعائم السلم والاستقرار، مشيدا بالخصوص بـ«الدعم الذي أعرب عنه السيد لعمامرة لصالح ترقية الحريات وحقوق الإنسان". وزير الدولة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أكد من جهته، أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة "جاءت في وقتها"، كونها أتاحت له الفرصة للاطلاع "على التطور الإيجابي الذي عرفته الجزائر في جميع المجالات"، على ضوء ما تحقق بمناسبة التعديل الدستوري الأخير الذي منح للجزائريين حقوقا تواكب التطور الحاصل في المجتمع، وقال بأن تلك التحولات تعكس انتصار الجزائر على الإرهاب، بفضل الشعب وقوات الأمن وسياسة الرئيس بوتفليقة لإرساء المصالحة. كما ألقت الأوضاع الخطيرة في منطقة الساحل بظلالها على مجريات الندوة الصحفية.

واغتنم الأمين العام الأممي المناسبة لتوجيه شكره للجزائر نظير الدور الذي قامت به في إطار الوساطة إذ كلل بالتوقيع على اتفاق سلام ومصالحة. بان كي مون شاطر رؤية الجزائر بخصوص تسوية الأزمات والمرتكزة على "الحوار الشامل"، باعتباره السبيل الأمثل وأن أي حل عسكري من شأنه أن يزيد الأوضاع تأزما، مشيدا بما تبذله الجزائر لترقية فضائل الحوار. الأمين العام الأممي أشار إلى أن موقفه المبدئي يقوم على أساس أنه "لا وجود لحل عسكري لأي أزمة مهما كانت"، مشيرا في هذا السياق إلى أن "الحل العسكري يكون ضروريا في بعض الأحيان عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب، لكن مهما كانت الأزمة فلابد من محاولة إيجاد حلول سياسية لها".


 

تبنى أطروحة الجزائر في إرساء حوار شامل لحل الأزمة الليبية

الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ثمّن من جهة أخرى الدور الكبير الذي تلعبه الجزائر لحل الأزمة الليبية، لاسيما باحتضانها للمشاورات السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه تطرق خلال مباحثاته مع السيد لعمامرة، إلى الوضع في ليبيا الذي بات "مقلقا للغاية". وأوضح أن التقارير تشير إلى "ارتكاب أعمال خطيرة هناك يمكن أن تشكل جرائم حرب".  بان كي مون أشار إلى أن ما يجب القيام به لحل أي أزمة هو "إجراء حوار شامل" وهذا "بالضبط ما تفعله الجزائر حاليا، إذ التزمت فعليا بالعمل مع كافة الأطراف من أجل تسوية الوضع في هذا البلد". الأمين العام الأممي دعا في هذا السياق كافة الأطراف في ليبيا إلى "تجاوز وجهات نظرهم والتركيز على مستقبل أفضل للجميع"، معربا عن أمله في أن "يتم تنصيب حكومة الوحدة الوطنية في أقرب وقت ممكن وبصفة طارئة"، كما استطرد بالقول إن "الوقت قد حان للتصرف... هذه المهمة يضطلع بها مبعوثنا الخاص إلى ليبيا، مارتن كوبلر".   

في هذا الصدد، دعا بان كي مون جميع الفاعلين الدوليين إلى "استخدام نفوذهم لتهدئة الأوضاع في ليبيا"، معتبرا أنه "إذا لم يتم إحراز تقدم على الصعيد السياسي، فإن الأزمة الإنسانية ستتفاقم وسيتم المساس بالأمن أكثر حيث ستتضاعف هجمات "داعش" (التنظيم الذي يطلق عليه "الدولة الإسلامية") وسيحرز تقدما على الأرض". السيد لعمامرة جدد من جانبه الموقف الثابت للجزائر بخصوص إيجاد حل سلمي في ليبيا قائلا في هذا الصدد "تحدثنا مطولا عن الوضع السائد في ليبيا وبعد أن جددنا دعم الجزائر الثابت لبعثات الأمم المتحدة ومهام بعثاتها الخاصة، أكدنا على ضرورة إيجاد حل سياسي وسلمي"، قبل أن يستطرد بالقول إن الحل السياسي يعد "الحل الوحيد الذي سيسمح لليبيا باستعادة سيادتها".