"لوندا" تواصل تكريم أيقونات الأغنية الجزائرية

يوم كبير للشيخ الحسناوي

يوم كبير للشيخ الحسناوي
  • القراءات: 1020
دليلة مالك دليلة مالك

يواصل الديوان الوطني لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة تكريم الأسماء الفنية الجزائرية الكبيرة، وكان الموعد أوّل أمس مع أيقونة الغناء الشعبي القبائلي الشيخ الحسناوي، في حفل فني أحياه عدد من نجوم الأغنية الجزائرية والقبائلية يتقدّمهم طاكفاريناس وحميدو وجرجرة، إلى جانب تقديم شهادات عن المرحوم من قبل أسماء كبيرة عرفته على غرار كمال حمادي وأكلي يحياتين. امتلأت قاعة "الأطلس" عن آخرها، بجمهور متنوّع يتقاطعون في حبهم لأغاني الحسناوي المتميّزة التي شكّلت منه اسما مهما في المشهد الفني الجزائري، ومدرسة نهل منها الفنانون القدامى والجدد، إذ أعادوا أهمّ أغانيه التي أداها الفقيد باللغتين العربية والأمازيغية، وحضر الحفل وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، ووزير الشباب والرياضة، الهادي ولد علي، إلى جانب وجوه فنية معروفة مثل لونيس آيت منقلات.

واستهل الحفل بـ"أشويق" صدحت به المطربة المغتربة جرجرة، كانت أشبه بترانيم رثاء لفقيد الأغنية الجزائرية الشيخ الحسناوي (1910-2002)، تعاطف معها الجمهور بالزغاريد والتصفيق، ثم اعتلى فريق من البالي الوطني المنصة ليقدّم رقصتين على أغنيتين مأخوذتين من رصيد الحسناوي وهما "ما أحلى الليل والنجوم والقمر" و"أنا الممحون"، ثم تمّ عرض شريط وثائقي موجز عن حياة الفنان الذي وجد في الغربة ملاذا لممارسة إبداعه، هذه الغربة التي بدأت منذ أن كان في الثانية عشر حين ترك قريته في ايحسناون بتيزي وزو، ثم انتقل إلى فرنسا في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، حتى يسجّل أغانيه وكان يقصد المقاهي الباريسية التي شكّلت ملتقى للجالية الجزائرية هناك خاصة المنحدرة من منطقة القبائل، وما لبث اسمه أن سطع حتى تمّ إرساله لإتمام خدمة العمل الإجباري بألمانيا، وتواصلت رحلة الغربة لما عاد إلى نيس الفرنسية، ثم حطّ الرحال سنة 1988 بجزيرة لارينيون (جزيرة في أقصى جنوب القارة الإفريقية، شرق مدغشقر)، حيث أنهى عمره هناك رفقة زوجته الفرنسية دونيس مارغوريت دونيس، إذ شاءت الأقدار أن يتوفى الفنان وهو بعيد عن مسقط رأسه بحوالي 8 آلاف كلم.

وتواصل الحفل بمشاركة عبد القادر شاعو الذي أدى "الشيخ أمقران"، ونسيمة شعبان غنت "يا نجوم الليل"، وغنى طاكفاريناس "أذشنوغ ثيقفايليين" (أغني للقبائليات)، أما حميدو فأدى ثلاثة من أهم الأغاني التي وشحت رصيد الراحل وهي "أرواح أرواح" و"أجيني علميني" و"ساني ساني"، أما خلوي الوناس فقد أبدع في أداء "انثاس ما دياس"، كما تداول على المنصة أيضا كل من رشيد كسيلة ونورية ياسمين والحسناوي أمشطوح. وروى الفنان القدير كمال حمادي ما يعرفه عن الحسناوي، وقال أنّه يتميّز بوجهين في الإبداع الموسيقي، الأوّل يتعلّق بالتنوّع لما يغني بالعربية من خلال اقترابه لألحان من نوع الفالس والرومبا والسامبا وحتى الروك، ولكن لما يغني بالأمازيغية يبقى وفيا للنغم القبائلي.

من جهته، قال أكلي يحياتن أنّه تعرّف على الحسناوي في ديار الغربة بفرنسا سنوات الثمانينات، وجمعتهما صداقة متينة واشتغلا معا في العديد من الحفلات الشعبية، وذكر أنّ الحسناوي أهداه موندولا عتيقا يعود عمره إلى سنة 1890، جاء به وعرضه للحاضرين. وفي وسط الحفل قام وزير الثقافة عز الدين ميهوبي بتسليم درع التكريم لأبن أخت الشيخ الحسناوي، وقال الوزير أنّ اليوم كبير عندما يتمّ تكريم فنان قدير مثل الشيخ الحسناوي، الذي يعكس تكريما للفن الأصيل، مثمّنا عمل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في حفظ الذاكرة والتراث، ومن الواجب أن يقتفي الجيل الجديد أثره وتنهل من هذه المدرسة.