تشهد إقبالا منقطع النظير على مدار السنة
تيكجدة .. طبيعة عذراء بحاجة إلى مرافق خدماتية

- 2693

لا تزال المرافق الخدماتية على مستوى منطقة "تيكجدة" المنتمية إلى الحظيرة الوطنية جرجرة، تسجل غيابا، راهنة بذلك مستقبل السياحة في المنطقة العذراء بمناظرها الطبيعية، ومقوماتها السياحية التي قد لا توجد في بلد آخر غير الجزائر، ومع ذلك فإن منطقة "تيكجدة" بغاباتها الساحرة، تستقبل يوميا مئات الزوار والعائلات الباحثة عن الجمال الطبيعي. التوجه إلى مرتفعات "تيكجدة" المتاخمة لولاية البويرة وتيزي وزو، في يوم مثلج ليس بالأمر الهين، مع احتمال وجود انزلاقات، أو تساقط الثلوج، هذا الأخير الذي قد يساهم في غلق الطريق على مستعمليه، غير أن هذه المرة الأحوال الجوية كانت في صالحنا لاكتشاف جمال الطبيعة العذري.
طريق معبدة، لكن الحذر مطلوب
توجهنا صوب ولاية البويرة، كون هذه الأخيرة تملك طريقا يقود إلى جبال "تيكجدة" عبر بلدية حيزر في ساعات مبكرة، اجتنابا للعرقلة المرورية، فالمرور عبر ولاية البويرة التي تفتح ذراعيها دائما لتوجيه زوار تيكجدة يحتم المرور بوسط المدينة الذي يعج بحركة السيارات، وصولا إلى البلدية الصغيرة "حيزر" التي تبعد عن أعالي جبال تيكجدة بأزيد من 32 كلم، عبر طريق نصفها معبد، والنصف الآخر لا تزال الأشغال به قائمة، لإعادة تزفيته، حتى أن أشجار الزيتون تعم المكان. الحركة بين بلدية "حيزر" وقراها، وصولا إلى أعالي تيكجدة، كان يغلب عليه الهدوء بسبب طبيعة المنطقة الجبلية التي تتواجد بها سكنات لعائلات رفضت النزوح الريفي، أما عن النقل فهو شبه منعدم بسبب نقص الكثافة السكانية، وكذا قلة عدد الحافلات.
جلسات شواء "السمّان" تستقطب المارة
وصلنا إلى مدخل أعالي تيكجدة، عبر طريق معبد بشكل جيد، غير أن العائلات التي قصدت المنطقة، كانت تفضل في كل مرة التوقف على جانب الطريق للتمتع بالاخضرار، وكذا تناول وجبة الفطور، ومع ذلك فبعض الشباب فضلوا تثبيت طاولات على زوايا الطريق لبيع "السمّان" المشوي، أو البيض المسلوق، وقارورات زيت الزيتون والتين المجفف، خاصة أن المنطقة معزولة ولا تتوفر على محلات بيع المواد الغذائية، وليس هناك بديل لسد الجوع غير جلسات الشواء، أو تناول البيض المسلوق أو التين المجفف، لمن غفل عن جلب المأكولات من وسط مدينة حيزر.
طريق ضيق وشبكة هاتف مقطوعة
وصلنا إلى المنطقة العلوية التي يزيد ارتفاعها عن 1400 كلم، الطريق بها كان معبد بشكل جيد، إلا أن معالمها بدأت تتغير وتضيق كلما توجهت أكثر داخل المنطقة الغابية، إلى جانب عدم وجود تغطية بشكبة الهاتف النقال، وهو ما قد يأزم الوضع في حالة تسجيل حادث بالمنطقة، ويستحيل الاتصال بالجهات الوصية، لكن متعة الطبيعة العذراء تنسيك التفكير في هذه الأمور، فأشجار الأرز الكثيفة التي تلقي بأغصانها يمينا وشمالا، كأنها ترقص لمجيىء الزوار، تصنع أيضا ظلا كثيفا مصحوبا ببرودة، مع شمس دافئة، توصلك إلى وسط منطقة تيكجدة العلوية، أين يتجلى أعلى جبل متكون من تربة كلسية، وبعض الصخور.
وخلال جولتنا هناك، اكتشفنا أن المنطقة شهدت بطولات المجاهدين، من خلال النصب التذكاري الصغير المنصوب، حيث تؤكد المعلومات المنقوشة عليه، أنه تم نصب كمين من قبل المجاهدين للعدو الفرنسي، خسر خلاله المستعمر 56 قتيلا، و18 قطعة سلاح، واستشهد يومها 7 مجاهدين، ورغم البطولات التي شهدتها المنطقة، غير أنه لا يوجد ما يوحي لذلك غير ذلك النصب التذكاري الصغير.
فضاء عائلي بحاجة إلى مرافق
وصلنا إلى سفح الجبل، ذي قاعدة أكثر اتساعا، لنجد عشرات السيارات السياحية مركونة هناك، مع حشد من العائلات التي اتخذت من المساحات الخضراء الطبيعية فضاء لها لتناول وجبة الفطور، وكذا ارتشاف الشاي، أما بعض الشباب ففضلوا شيّ اللحوم بمختلف أنواعها، غير أن المنطقة لا تزال بحاجة إلى مرافق خدماتية أخرى، كالطاولات المخصصة للعائلات، وأماكن لعب الأطفال، حيث لم يحض هؤلاء سوى بلعبة التزحلق على أرجوحة معدنية، لا غير، دون الحديث عن غياب سلات المهملات، مع وجود مقهى ومطعم، قد لا يستجيب لمتطلبات زوار المنطقة.
رمي عشوائي للنفايات
رغم جمال المكان، إلا أنه لم يسلم من الرمي العشوائي للقمامات، فأغلبية الزوار ـ للأسف ـ يلقون بنفاياتهم، وهي عبارة عن مواد بلاستيكية ، متسببين بذلك في تشويه الطبيعية وتلويث المحيط، على الرغم من وجود تعليمات توصي بعدم ترك النفايات على مستوى المنطقة الغابية. في الوقت الذي يتطوع خلاله بعض الشاب من أجل جمع النفايات في أكياس لرميها في الأماكن المخصصة لها.
المصعد الهوائي معطل والمجسمات المعدنية أكلها الصدأ
الصعود إلى قمة الجبل عبر المصعد الهوائي بات مستحيلا بالنسبة للعائلات، بسبب تعطله، فقد تحول إلى هيكل معدني أكله الصدأ، حيث أكدت بعض العائلات التي تحدثنا معها أنها ترغب دائما في الصعود إلى أعلى القمة، لكن تعطل المصعد الهوائي يحول دون ذلك، لاسيما أن أغلبية الزوار لا يستطيعون الصعود مشيا نحو أعلى قمة الجبل، بسبب وعورة التضاريس، مطالبين الجهات الوصية باحتواء المشكل في أقرب الآجال قصد إعادة تشغيل المصعد الهوائي، وتفعيل الحركة السياحية بمنطقة تيكجدة، علما أن هذه الأخيرة تتوفر على بحيرة جميلة في أعلى الجبل، تتوسط مرتفعات جبلية لا يمكن الوصول إليها إلا مشيا على الأقدام. تركنا المنطقة آملين في العودة إليها وهي تعج بالزوار، وكلنا أمل في أن تقام بها مرافق خدماتية وعلى رأسها الفنادق وبعض المقاهي ومحلات بيع المأكولات.