الجزائريون وسياحة آخر السنة

"بسيكوز" الأزمة أثر على السلوك السياحي

"بسيكوز" الأزمة أثر على السلوك السياحي
  • القراءات: 866
حنان. س حنان. س

كشف عدد من مسيري الوكالات السياحية بالعاصمة، عن تغير الوجهات السياحية التي كانت بالأمس القريب المفضلة عند الأسر بهدف قضاء عطلة نهاية السنة، وأوضحوا أن ارتفاع صرف العملة الصعبة كان له بالغ الأثر على تراجع نشاطهم السياحي في ديسمبر 2015، باعتباره من مواسم الذروة بالنسبة للسياحة، حيث تقلص عدد الراغبين في السياحة الخارجية إلى حوالي 80 %، بينما فاق الطلب بالنسبة للسياحة الداخلية العرض بكثير.

أثرت سياسة التقشف المعلن عنها من قبل الحكومة بهدف التسيير العقلاني لموارد الجزائر المالية، آليا وبشكل سلبي على إقبال الجزائريين على السياحة، سواء الخارجية أو الداخلية بحوالي 80 % خلال الموسم 2015- 2016، مقارنة بالموسم السياحي الماضي، حسبما تشير إليه ممثلة وكالة "ميلي" للسياحة والأسفار بشارع ديدوش مراد في العاصمة، مضيفة أن ‘بسيكوز’ الأزمة الاقتصادية أثرت بشكل كبير على سلوك الناس السياحي، تقول: "في المواسم السابقة كنا نسجل طلبات على سياحة آخر السنة مع نهاية أكتوبر وبداية شهر نوفمبر، ففي هذه السنة لم نصل حتى إلى 10% من الحجوزات، حتى الأسعار الترقوية التي لجأنا إليها لبعض المناطق السياحية كدبي وتركيا لم تجذب الأنظار".

من جهته، يشير ممثل آخر عن نفس الوكالة، إلى أن النسبة القليلة التي بقيت محافظة على تقليد السياحة الخارجية مع نهاية السنة، لجأت إلى تقليص مدة السياحة، فمن 12 يوما، تقلصت الأيام إلى أربعة على أكثر تقدير، "وهذا سببه ارتفاع صرف العملة الصعبة من جهة والجدل الإعلامي الكبير حول الأزمة الاقتصادية المتوقعة في مطلع السنة القادمة، وهو ما أثر على سلوكات الناس وجعلهم يفضلون توفير مصاريف معينة، منها مصاريف السياحة".

تركيا والمغرب خلفا لتونس ومصر

وحسبما أجمع عليه وكلاء السياحة والأسفار، فإن وجهات عالمية جديدة دخلت خط المنافسة لاستمالة الجزائريين، بعدما تربعت الوجهتان التونسية والمصرية على العرش لسنوات طويلة، حيث قال مدير وكالة "توبا للسياحة والأسفار" بأن تركيا دخلت المنافسة السياحية بقوة منذ حوالي أربع سنوات، حيث أضحت اسطنبول تستميل مزيدا من السياح الجزائريين وإلى جانبها دبي والدار البيضاء المغربية، وأكد أن عدد الجزائريين الراغبين في السياحة خلال فترة نهاية السنة، قل بكثير مقارنة بالخمس سنوات الأخيرة، وأرجع الأمر إلى تداعيات الجدل الإعلامي حول الأزمة الاقتصادية المتوقعة، يقول: "تراجع نشاطنا السياحي خلال عطل نهاية السنة الميلادية، إذ أصبحنا نسجل طلبا على خمسة أيام أو سبعة على الأكثر بدلا من أسبوعي سياحة، حسب برنامجنا العادي، وهذا لا يستثني السياحة الخارجية عن الداخلية، فوجهات؛ كغرداية وتيميمون وتمنراست، تبقى الأكثر طلبا ضمن السياحة الداخلية، غير أن الطلب يفوق العرض بكثير، بمعنى نقص هياكل الإيواء".

كما يؤكد المتحدث أن تونس التي كانت لسنوات طويلة، المقصد السياحي الأول للجزائريين، خاصة مع اقتراب إحياء كل سنة ميلادية جديدة، تراجع الطلب عليها بأكثر من النصف، مرجعا السبب إلى الأوضاع الأمنية المتردية التي أثرت بشكل سلبي على المشهد السياحي، كذلك الشأن بالنسبة لمصر، معتبرا أن سيناء تعتبر قلب السياحة المصرية والوجهة التي تأثرت كثيرا بعد سقوط الطائرة الروسية، مؤخرا. ملفتا كذلك إلى تراجع الطلب على ماليزيا، البلد الذي كان هو الآخر يسجل عددا معتبرا من الطلبات السياحية، "لكن الموسم الشتوي القاسي السائد هناك  والأعاصير التي ضربت البلد مؤخرا، أثرت أيضا عليه في بورصة السياحة".

السياحة الخارجية مدرسة كبرى

تعتبر السياحة مدرسة كبرى لتعلم الثقافات، غير أن نقص الوعي السياحي في مجتمعنا يرهن هذا الواقع إلى حد كبير، ويجعل السياحة مجرد رفاهية يظفر بها ميسورو الدخل، هكذا يقول السيد نور الدين يسعد مدير وكالة "انفينتي ترافل"، مضيفا أنه من الصعب الجزم بوجود سياح جزائريين بسبب نقص الثقافة السياحية واقتصار الرحلات على التجار أو "البزناسية" أو حتى على أشخاص يقصدون دولا معينة دون رجعة، يقول: "ليس لدينا سياح بالمعنى الحقيقي للكلمة، إلا نسبة قليلة منهم، فمن يقصد بلدا أوروبيا، لن يعود ـ أي"يحرقڨ" ـ ويجعل الوكالة مطية له للظفر بالتأشيرة إلى بلد مثل إسبانيا أو مالطا أو حتى اليونان، وبعدها لن يعود إلى أرض الوطن، وهو ما يضع الوكالات السياحية في ضيق كبير ويرهن سمعتنا، لكننا لا يمكن أن نحقق مع كل شخص يتقدم إلينا بغرض السياحة، هذا يجعلني أؤكد أن 60 بالمائة ممن يقصدنا سياح كاذبون، مما جعل من قنصليات تلك البلدان وعلى رأسها إسبانيا، تضيق كثيرا على طلباتنا للتأشيرة، فبعد أن ندفع ملفات زبائننا ومبلغ 10 آلاف دينار عن كل زبون بهدف دراسة ملفه، لا يتم الرد إيجابا إلا على 10 % من الطلبات، أي رفض 90 % من الملفات دون تعويض ما تم دفعه، هذا يضع سمعتنا على المحك ونضطر نحن إلى تعويض الزبائن، فيما تذهب أموالنا وتعبنا سدى".

إلى ذلك، قلل المتحدث من كون الأزمة الاقتصادية التي نالت نصيبها في حديث العام والخاص مؤخرا، قد يقلل من رغبة محبي السفر مع نهاية السنة، مشيرا إلى أن عروض وكالته السياحية نحو المغرب تعتبر مغرية وأرخص بكثير مقارنة بما هو متعامل به محليا، متأسفا عن كون خدمات السياحة الداخلية تجاه تمنراست، مثلا، أغلى بكثير من نظيرتها في العاصمة تونس، معيبا في هذا السياق على السلطات الوصية التي لم تعمل شيئا –حسبه ـ من أجل إنعاش واقع السياحة المحلية.

العمل على سد الفراغ بالنسبة للسياحة الداخلية

لا يمكن الجزم بأن سياحة نهاية السنة تراجعت، أو أن نقص الهياكل الفندقية أثرى على إقبال الجزائريين لاكتشاف وطنهم، حيث نقدم برامج مختلفة بهدف اكتشاف الصحراء الجزائرية وسجلنا إقبالا يفوق المائة بالمائة"، هكذا رد علينا السيد طاهر أرزقي، المدير التجاري بالديوان الوطني للسياحة والأسفار،  الرائد في مجال السياحة الداخلية، قائلا بأن تزامن عطلة نهاية السنة الميلادية جاء مع إحياء المولد النبوي الشريف، وهو ما جعل الطلب على السياحة الصحراوية ينتعش بكثير، خاصة وجهات جانت وتميمون وبسكرة وغرداية، مبديا تأسفه عن عدم التمكن من تلبية كل الطلبات المتزايدة بسبب نقص هياكل الإيواء، داعيا في المجال إلى أهمية دعم المشاريع القاعدية ليس فقط في الصحراء، وإنما في كامل ربوع الوطن. كما قلل السيد أرزقي من شأن الحديث عن الأزمة الاقتصادية على السلوك السياحي للأسر، حيث قال: "لم نصل بعد إلى الأزمة الاقتصادية، فلماذا يؤثر ذلك على السياحة؟ يُتوقع حدوثها في عام 2016، لكن لا أعتقد أنه ستؤثر على العرض والطلب في المجال السياحي". كما أكد السيد طاهر أرزقي على أن 80 % من زبائن الديوان الوطني للسياحة والأسفار من الأسر، بمعدل يصل إلى أربعة أشخاص في الأسرة.