ايت أحمد وعلي ضابط بجيش التحرير الوطني:

الشهداء والمجاهدون دفعوا الثمن غاليا

الشهداء والمجاهدون دفعوا الثمن غاليا
  • القراءات: 1762
زميحي/ س زميحي/ س

يعد المجاهد آيت أحمد وعلي، ابن قرية تاقعتس ببلدية تيزي راشد، ذاكرة التاريخ والثورة الجزائرية بمنطقة القبائل. فهو رفيق المجاهدين الذي يتذكر المسيرة النضالية ومواقع النضال لكل واحد منهم. حفظ تاريخ ثورة نوفمبر كما حفظ اسمه، فلكل سؤال جواب عنده. فهو من ناضل وكافح وضحى مع رفاقه الشهداء والمجاهدين الذين دفعوا الثمن غاليا للتحرر من عبودية المستعمر.

«دا وعلي" الذي يعرفه الكل باسم سي وعلي درس بمدرسة القرية وكان تلميذا ناجحا دائما الأول في الصف، ليلتحق بعد نيله شهادة التعليم الابتدائي إلى إكمالية عصرية كلاسيكية التي أصبحت اليوم تعرف باسم ثانوية فاطمة نسومر التي درس بها الشهيد عبان رمضان، لوانشي، حدادو وغيرهم.

وكان دا وعلي يقول إن أمه كلما سمعت بدخول الجنود الفرنسيين القرية خلال الثورة، تضع له وشاحا على رأسه به مادة تتسبب له في البكاء ليبدو مريضا أمام الجنود الفرنسين فيتركوه. وهكذا بدأت مرحلة حاسمة في حياة الشاب وعلي عندما وجد نفسه أمام واقع مر وهو الحرب والمعاناة. 

ويقول وعلي أنه عند اندلاع الثورة كان مراهقا لا يتجاوز عمره 14 سنة يعيش بالقرية، حينها شاهد ضوء ودخانا بضواحي عزازقة، وبعد يومين تبين له أن مصدر هذا الضوء هو لهيب النيران بعدما أحرق المجاهدون مستودع الفلين بعزازقة. ولما توجه رفقة أصحابه للعودة إلى الاكمالية وجدوا الطريق مغلقا بالأشجار والأعمدة من طرف المجاهدين على مستوى تعوينت اولخريف، ليعودوا أدراجهم، بعدما لا حظوا أن الحرب اندلعت الحرب في كل مكان -يضيف المجاهد -.

وأضاف المجاهد في حديثه مع "المساء" أنه ما بين سنتي 1955و1956 بدأ المجاهدون يأتون إلى القرية وكانوا يجمعون النساء بمنزل ملك لفروجة اث فرحاث بقرية تاقعتس، وبما أنه متعلم ويتقن القراءة والكتابة أوكلت له مهمة قراءة منشورات المجاهدين المدونة بالفرنسية، فيما كانت نا خلوجة تترجمها بالقبائلية.

ولقد كانت القرية تحت أعين الفرنسيين حيث قام الملازم دوبيي في عام 1956 بجريمة شنعاء بالمنطقة قتل خلالها 14 مسبلا عندما قام الجنود بوضع المسامير بأيادي المسبلين الذين لم يستشهدوا حتى ذاقوا العذاب مثل الشهيد أي رمضان بن سالم، ووضيل بلقاسم وغيرهم.

التضحية بالدراسة من أجل المشاركة في الثورة

وفي 19 ماي 1956 شارك في إضراب الطلبة استجابة لنداء الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، حيث تم إلقاء القبض عليه وحول إلى مركز عسكري، حيث وجدت ثلاثة سجناء منهم حسن أويحلم، ودميك محند وغيرهم. وبعد ثلاثة أيام أخذت عساكر الاستعمار حوالي 30 شخصا من رجال القرية إلى هذا المركز ومارست كل طرق التعذيب لتجبر السجناء على كشف أسرار المجاهدين، وعندما لم تحصل على أي معلومة أدخلتهم السجن إلى غاية شهر ديسمبر.

وبعد خروجه من السجن، انتقل المجاهد إلى العاصمة هروبا من المضايقات الفرنسية، وبقي رفقة والده الذي كان يشتغل بالمطار. وخلال إضراب 8 أيام ما بين 28 جانفي و4 فيفري 1957 تم توقيفه رفقة كل نزلاء الفندق الذي كان يقيم به، حيث اقترب من الشهيد العربي بن مهيدي.

وبعد استشهاد بن مهيدي لم يبق ضمن فريق الشهيد سوى أربعة مجاهدين قرروا بعدها التوجه إلى الخارج، حيث نقلت السيدة كلودين شولي زوجة بيير شولي المجاهدين الأربعة إلى غاية منطقة بوفاريك، حيث افترقوا ليتجه سعد دحلب وعبان رمضان إلى المغرب وكريم بلقاسم ويوسف بن خدة إلى تونس.

وأثناءها قرر المجاهد العودة إلى قريته، حيث سمح له جيش التحرير الوطني باستئناف دراسته باكمالية المعاصرة والكلاسيكية من سبتمبر 57 إلى جوان 58، غير أن والدته نقلت له رسالة من المجاهدين طالبوه فيها بالالتحاق بالجبل.

وبدأت مرحلة نضال سي وعلي في صفوف المجاهدين وعمره 17 سنة، حيث قضى أول ليلة من النضال بملجأ منزل خلوجة اث أعمر الذي يضم ملجآن، أحدهما بالمنزل والثاني بالحديقة. لينتقل إلى الجبل رفقة المجاهد الملازم الأول سي يوسف القنطرة وسي عمر الشيخ ومجموعة من المجاهدين.

وكان المجاهد ورفاقه يتحركون ويتنقلون ليلا من منطقة لأخرى لتبدأ مهام المجاهد، حيث عين سكرتير سي يوسف القنطرة المكلف بالاستعلامات والاتصالات، وبدأت تحركات المجاهد بين المناطق بالولاية الثالثة تاريخيا وحضر أول تجمع للمجاهدين نشطه المجاهد صراوي ايدير بقرية توريرث عدن بالأربعاء ناث ايراثن.

وبعد استشهاد سي يوسف القنطرة، حول المجاهد سي وعلي إلى سكرتير قطاع "2" بقرية ايقر ذميمن بالمنطقة الأولى بالولاية الثالثة وأوكلت له مهمة تحرير تقارير عن التموين وجمع المال من القرى ومتابعة الأخبار عبر الإذاعة الفرنسية.

وذكر محدثنا بأنه تعرف على العقيد عميروش عندما تنقل رفقة فرقة الملازم الأول حمكي سي ايدير من أكفادو إلى غابة ثيغيلت اعكوارن، مؤكدا أن الشهيد عميروش أخبرهم أنهم لم يحصلوا على السلاح من الخارج وطلب منهم استعمال ما بحوزتهم عند الضرورة لإصابة الهدف. 

وفي 1957 تم ترقية سي وعلي إلى مسؤول منطقة وفي تاريخ 7 فيفري 1959، أراد المجاهد رفقة سيعد مغيرة دخول قرية عروس بمقلع، وبعد تبادل إطلاق النار أصيب بطلقة نارية على مستوى رجله اليسرى، وانسحب سي وعلي بين الأشواك داخل الغابة وهو مصاب، حيث قال لنا "حينها سمعت صوت أمي وهي تهز مهد طفل صغير". وبلغ المجاهد قرية أمازول بفضل المجاهدة علجية اوقايد التي أسعفته. 

ومع بداية عملية جومال سيطرت فرنسا على القرى وكانت الوديان مخابئ ومنازل المجاهدين. وفي 9 أوت 1959 عاد المجاهد رفقة 7 مجاهدين من بينهم المجاهدة فازية بلقاسمي ووردية إلى اقوسيم ايلولة اومالو، وكان الجميع يعتقد أن المستعمر انسحب لكنهم تفاجأوا بإطلاق قنابل عليهم أصابت المجاهدة وردية التي تحولت إلى أشلاء، لينتقل الجميع بعدها إلى قرية بوتشور.

وفي 14 نوفمبر 1960 تمت ترقية سي وعلي لقيادة مركز الولاية، حيث منحه القائد سي أحسن أمانة تضم  مبلغ 16 مليون و496 جوهرة و6 كلغ قطعة ذهبية، وأمره بأن ينقلها للعقيد سي محند أولحاج.

وعند وقف إطلاق النار عين سي وعلي عضوا للجنة المختلطة لوقف إطلاق النار المكلفة بمتابعة الأوضاع مع الطرف الفرنسي والحرس على تطبيق شروط وقف النار إلى غاية عشية الاستفتاء، ليتم تعيين سي وعلي في 2 أوت 1962 محافظ منطقة وهو ما يعادل منصب رئيس الدائرة حاليا.