لعمامرة يؤكد بمناسبة يوم الدبلوماسية الجزائرية:

الجزائر شريك أساسي لا يمكن تجاوزه في التفاعلات الدولية

الجزائر شريك أساسي لا يمكن تجاوزه في التفاعلات الدولية
  • القراءات: 1304
مليكة خلاف مليكة خلاف
أكد وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، أن الجزائر تعد شريكا وفاعلا أساسيا لا يمكن تجاوزه في التفاعلات الجهوية والدولية، مضيفا أن بلادنا تعرف بوفائها وتمسكها الراسخ بقيمها ومبادئها الثابتة المدونة في دستورها، وهي قيم ومبادئ تطبع دوما مواقف الجزائر وأنشطتها.
جاء ذلك في مداخلة للسيد لعمامرة، أول أمس، بمناسبة يوم الدبلوماسية الجزائرية بمقر الوزارة، بحضور أعضاء من الحكومة وبعض ممثلي الطبقة السياسية، إلى جانب دبلوماسيين وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وأشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أن الجزائر التي ثارت ضد الاستعمار تظهر اليوم، كل المعنى الذي تعطيه لتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، مما جعل منها بلدا مصدرا للسلم والأمن والاستقرار.  كما أوضح وزير الدولة أن تنوع مساهماتها جعل من الجزائر بلدا ذا وزن على الساحة الدولية، مضيفا أن هذا التأثير المؤسس على عوامل أخلاقية قد تعزز بالمزايا المتعددة التي تزخر بها الجزائر والقائمة أساسا على سكانها، خاصة الفئة العريضة من الشباب المؤهل ومواردها الطبيعية وموقعها الجيواستراتيجي المركزي، باعتبارها أكبر الدول مساحة في إفريقيا والمغرب العربي والفضاء المتوسطي وفي العالم العربي.
ومن باب الالتزام بالمبادئ التي قامت عليها الدبلوماسية الجزائرية، أكد السيد لعمامرة، أن النشاط الدبلوماسي يهدف إلى الدفاع عن المصلحة الوطنية وترقية المصالح المتبادلة، وكذا تجسيد مزايا الحوار والتعاون، مضيفا أن بلادنا تعمل أيضا على تنويع الشراكات الإستراتيجية مع بلدان هامة وتفعيل مختلف آليات التعاون على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، علما أن التعاون الدولي يكتسي طابعا أولويا للتكفل بمختلف أشكال التحديات التي تواجه الإنسانية.
وسلّط وزير الدولة الضوء على مختلف التحديات التي تواجهها البلاد في ظل ما يشهده العالم من تحولات سريعة، والتي كثيرا ما تكون حاملة لتهديدات وشكوك ورهانات جديدة، مضيفا أنها تبرز وبقوة متطلبات المهنية والابتكار وكذا قدرات الاستشراف ورؤية واضحة للتحديات والفرص، ليستطرد في هذا الصدد بالقول إن الواقع فرض ضرورة تأسيس "مركز الرصد وإدارة الأزمات" على مستوى وزارة الشؤون الخارجية، الذي باشر عمله أول أمس، على أن تعرف وتيرة نشاطه تصاعدا تدريجيا كما سيتم اعتماد نظامه بعد فترة تجريبية.

ضرورة ترقية المصالح الاقتصادية للجزائر بالخارج

وفي سياق تقديمه للرؤية الاستشرافية للنشاط الدبلوماسي، أوضح وزير الدولة أن الجهود نحو العصرنة والتأقلم ستعرف منحى تصاعديا في إطار الدبلوماسية الاقتصادية، بالنظر لمركزية دور ومسؤوليات وزارة الشؤون الخارجية في هذا المجال الحساس لتمثيل وترقية المصالح الاقتصادية للجزائر بالخارج، مضيفا في هذا السياق أن الدبلوماسية الاقتصادية مدعوة لأن تكون مكونا أساسيا للإستراتيجية الوطنية للتجارة الخارجية والتي تستجيب بدورها لمتطلبات التحولات الشاملة للعلاقات الاقتصادية الدولية"، مضيفا أن الأمر متعلق أيضا "بترقية دبلوماسية ثقافية حقيقية تسخر لخدمة إشعاع الثقافة الجزائرية".
وبخصوص الاحتفال بـ"يوم الدبلوماسية الجزائرية" قال السيد لعمامرة، إنه يشكل بالنسبة للدبلوماسيين الجزائريين لحظة مميزة سانحة لاستذكار مساهمة تحركهم الدولي في انتصار ثورة أول نوفمبر التحريرية المجيدة، وعن تخليد استرجاع الاستقلال الوطني بانضمام الجزائر بصفتها دولة كاملة العضوية إلى منظمة الأمم المتحدة في مثل هذا اليوم من سنة 1962".
وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية بالقول إن "إعلان أول نوفمبر 1954 جاء ليشكل الوثيقة المؤسسة للدبلوماسية الجزائرية المعاصرة والتي كانت من بين أولى ساحات نشاطها مؤتمري باندونغ ونيويورك، وكذا عواصم ومدن أخرى حملت صدى جبهات المقاومة والكفاح المسلّح في الداخل من أجل التحرر".
كما يحتفظ التاريخ - يؤكد لعمامرة - بالملاحم المجيدة للدبلوماسية الجزائرية خلال عملية البناء والتشييد في مرحلة ما بعد الاستقلال والتي طبعتها على وجه الخصوص التجمعات الكبرى للتضامن وتوحيد الصفوف التي احتضنتها الجزائر لصالح إفريقيا والعالم العربي، والدول النامية والبلدان المنتجة للبترول وبلدان عدم الانحياز، وكذا لصالح حركات التحرر في العالم الثالث وفي فلسطين وإفريقيا على وجه الخصوص والحركات الديمقراطية في دول أوروبية وأمريكية-لاتينية.
وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، أن هذه الملحمة بلغت ذروتها من خلال النتائج التاريخية المسجلة سنة 1974، بمناسبة الرئاسة الخالدة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تولاها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، (لما كان وزيرا للخارجية) وكذا من خلال النضال من أجل نظام اقتصادي عالمي جديد، والوساطات التي قادتها الجزائر، في السر تارة وفي العلن تارة أخرى لحل مختلف النزاعات الدولية.
من جهة أخرى أشار السيد لعمامرة، إلى أن استلام المقر الجديد للمعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية خلال الأشهر القليلة المقبلة، سيأتي ليؤكد المكانة المتميزة التي يوليها رئيس الجمهورية لتكوين الإطارات وتنمية القدرات البشرية في هذا القطاع وفي غيره من القطاعات الأخرى، كما أعرب عن ارتياحه لمسألة تشبيب وزيادة تعداد العنصر النسوي في الجهاز الدبلوماسي الجزائري، والتحاق جيل جديد من الدبلوماسيين بوزارة الشؤون الخارجية خلال السنوات الأخيرة، وحثهم على المزيد من التجنّد والالتزام والصرامة ليكونوا دوما في مستوى مهامهم النبيلة التي تتطلب دائما المزيد، ليستطرد بالقول "إن رئيس الجمهورية الذي قدم الكثير للدبلوماسية الجزائرية، يدرك أنه بإمكانه الاعتماد على كل واحد منّا لتعزيز مكاسب الدبلوماسية الجزائرية وفتح آفاق رحبة لعملنا الدولي لتحقيق إنجازات جديدة".

رضا مالك: واشنطن وعدت سنة 1981 بدعم استقلال الصحراء

من جهته أكد الدبلوماسي ورئيس الحكومة الأسبق، رضا مالك، أن الدبلوماسية الجزائرية عملت على تنبيه العالم بما يجري في الداخل، مضيفا أن بيان أول نوفمبر تحول إلى حافز قوي للدبلوماسية من أجل تحقيق الاستقلال الوطني. وأوضح أن نجاح النشاط الدبلوماسي ارتكز على النعرة النوفمبرية والضمير والالتزام واحترام الرأي الآخر، مضيفا أن الشخصية الجزائرية تبلورت من خلال عملها في الخارج.
وإذ أبرز تمسك الدبلوماسية الجزائرية بالقضايا العادلة في العالم، أكد السيد رضا مالك، أنه ليس للجزائر أي مطامع بخصوص القضية، معربا عن أمله في إيجاد حل سريع للنزاع يرضي كافة الأطراف. كما كشف السيد رضا مالك، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد وعدت في سنة 1981، على لسان رئيسها جيمي كارتر، بدعم استقلال الشعب الصحراوي وحقه في تقرير مصيره. وقال الدبلوماسي السابق في هذا السياق "عند تسليمي سنة 1981 للرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أوراق اعتمادي كسفير للجزائر بالولايات المتحدة الأمريكية، طلب هذا الأخير تدخل الجزائر في حل أزمة الرهائن الأمريكيين الذين كانوا محتجزين خلال نفس الفترة من طرف إيران مقابل دعم بلاده لحق الصحروايين في الاستقلال وتقرير المصير".
على صعيد آخر تم تكريم أربعة من الدبلوماسيين القدامى الذين مثلوا الجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة. ويتعلق الأمر بكل من توفيق بوعتورة، وعبد القادر شندرلي، وعبد اللطيف رحال ومحمد يزيد، حيث تم بالمناسبة إبراز الأداء الدبلوماسي لهذه الشخصيات وحنكتها في إعلاء صوت الجزائر وإبراز دورها لدى الأمم المتحدة والعالم.
مركز الرصد وتسيير الأزمات: خطوة نوعية في مسار العصرنة
وكان السيد لعمامرة، قد أشرف على تدشين مركز الرصد وتسيير الأزمات، حيث أشار إلى أنه يشكل "خطوة نوعية" في مسار عصرنة وتعزيز نشاط وزارة الشؤون الخارجية. وستدعم هذه الآلية نشاطها في المستقبل القريب عن طريق تطوير ميكانيزمات تعاون وتبادل المعلومات مع هيئات مماثلة على الصعيدين الوطني والدولي، وبالخصوص أجهزة وزارية وكذا منظمات دولية. وخلال تقديمه لشروحات حول طبيعة عمل هذا المركز الذي بإمكانه العمل لمدة معتبرة بشكل مستقل تماما عن العالم الخارجي، أكد الإطار بوزارة الخارجية عبد الحميد عبداوي، أنه في حالات الأزمات يضم المركز ممثلين عن كل الوزارات والهيئات المعنية وذلك حسب طبيعة وتداعيات الأزمة محل المعالجة.
كما استعرض عبداوي، أنظمة جمع ومعالجة المعلومات بالمركز وكذا مسار سريان المعلومة إلى غاية وصولها إلى مركز اتخاذ القرار. ومن مهام هذه الهيئة الجديدة المساعدة على اتخاذ القرار من خلال جمع وتحليل المعلومات الإستراتيجية لاستباق وتسيير الأزمات المختلفة، حيث ستعمل وبشكل دائم على رصد ومراقبة الأخطار أو الأزمات حتى يتسنى إدارتها بشكل سريع وفعّال. كما سترتكز هذه الآلية في نشاطها على الجهاز الدبلوماسي والقنصلي عبر العالم لتوفير كل الشروط اللازمة للأخذ بعين الاعتبار أمن وسلامة الجالية الجزائرية في الخارج. وتم بالمناسبة إصدار طابع بريدي جديد يخلّد يوم الدبلوماسية الجزائرية تم الكشف عنه خلال حفل رمزي رسمي حضره السيد رمطان لعمامرة، وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون، ووزير الثقافة عز الدين ميهوبي.
وتبلغ قيمة الطابع البريدي الذي أصدرته مؤسسة بريد الجزائر 25 دج بعنوان "يوم الدبلوماسية الجزائرية". ويحمل الطابع البريدي الجديد صورة للمقر الجديد لوزارة الشؤون الخارجية، المبني وفق هندسة معمارية تمزج بين الطابع العربي الإسلامي والطابع العصري. كما تسلّم وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي، بشكل رمزي مجموعة من الأقراص المضغوطة تضم إنتاجات فنية لعمداء الأغنية الجزائرية، وكذا أفلام جزائرية ثورية ودرامية من بينها فيلم "لالا فاطمة نسومر" وفيلم "زبانة"، من قبل وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، على أن يتم توزيعها لاحقا على السفارات والقنصليات الجزائرية في الخارج وفي أوساط الجالية الجزائرية بالخارج، بهدف التعريف والترويج للموروث الثقافي الوطني.
وتم بعد ذلك فتح المجال للوفود الحاضرة للوقوف على أجنحة معرض أقيم بالمناسبة تضمن على وجه الخصوص طوابع تم إصدارها منذ وقبل الاستقلال بمناسبة إقامة علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة. وتضمن المعرض صورا تروي مختلف مراحل الدبلوماسية الجزائرية، وأقطابها والمواقف البارزة التي ميّزت العمل الدبلوماسي الجزائري على الساحة الدولية. للإشارة يتم الاحتفال بيوم الدبلوماسية الجزائرية في الثامن من أكتوبر من كل سنة. وهو حدث يتزامن مع اليوم الذي رفع فيه أول رئيس للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أحمد بن بلة، العلم الوطني بمقر منظمة الأمم المتحدة في 8 أكتوبر 1962.