دعت إلى تقييم آخر لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

الجزائر تطالب أوروبا بالاحترام المتبادل وتوازن المصالح

 الجزائر تطالب أوروبا بالاحترام المتبادل وتوازن المصالح
  • القراءات: 800
حنان / ح حنان / ح
"الاحترام المتبادل وتوازن المصالح"، هو مبدأ التفاوض الذي فرضته الجزائر على شريكها الأوروبي، حيث تدعو إلى تقييم الشراكة بين الجانبين، معتبرة أنها كانت إلى غاية الآن ومنذ عقد من الزمن، لفائدة الطرف الأوروبي وخدمت مصالحه أكثر. كما طالبت باحترام سيادتها الوطنية، في إشارة إلى الانتقادات التي وجهتها بروكسل للجزائر بخصوص "حقوق الإنسان"، معبّرة عن اقتناعها بمبدأ عدم التدخل في شؤون القضاء.
وشكّل افتتاح الاجتماع السنوي التاسع لمجلس الشراكة الجزائر- الاتحاد الأوروبي أول أمس، بالعاصمة البلجيكية، الذي ترأسه وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، مناصفة مع الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلّفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغريني، فرصة لاستعراض أهم نتائج الاتفاق بين الطرفين الذي مر عليه عقد من الزمن، وكذا لوضع النقاط على الحروف بالنسبة لمسائل تجمع البلدين وأخرى تتعلق بالمسائل الجهوية والإقليمية.  
في هذا الصدد صرح السيد لعمامرة، في ندوة صحفية أعقبت الاجتماع، أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي "أفاد كثيرا الجانب الأوروبي"، وأن "الجزائر أعطت من خلال هذه الشراكة أكثر مما تلقّت"، مؤكدا أن تقييما آخر لهذه الشراكة أضحى ضروريا الآن. ومن أهم ملامح اللاتوازن في الاتفاق، ذكر انخفاض المداخيل الجمركية الناجمة عن التفكيك الجمركي للمنتجات المستوردة من بلدان الاتحاد الأوروبي، الذي لم يرافقه بالشكل الكافي دخول المنتجات الجزائرية إلى السوق الأوروبية، رغم أن الاتفاق نص على ذلك، يضاف إلى ذلك ضعف الاستثمارات الأوروبية في الجزائر، وتخفيض حصص الجزائر في سوق الغاز الأوروبية بحوالي 13%، فيما كانت تضمن تموينا مستقرا على أسس تجارية.
لكنه أكد أنه لابد من التمسك بروح هذا الاتفاق من خلال تقييم أكبر وبشكل دقيق في ظل الاحترام المتبادل وتوازن المصالح، منبّها أن ظروف إبرام هذا الاتفاق في 2002، لم تعد نفسها اليوم سواء في الجزائر أو في أوروبا.
وأكدت الجزائر في بيان توّج الاجتماع على ضرورة تطوير علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي "الذي يعد أول شريك لها في المنطقة"، والتي تبقى دون طموحاتها.
كما عبّرت عن ارتياحها لقبول الاتحاد الأوروبي طلبها لتعويض الامتيازات الضريبية التي منحت للبلدان الأعضاء الجدد في هذا الفضاء الاقتصادي، آملة في التوصل السريع إلى اتفاق يسهل الصادرات خارج المحروقات إلى السوق الأوروبية كنوع من التعويض، وكترجمة للإرادة المشتركة لإعادة التوازن ولو "من خلال المبادلات التجارية".          
من جانب آخر، أوضحت الجزائر عبر وزيرها للخارجية، موقفها الصارم من أي محاولات للتدخل في سيادتها الوطنية، إذ وصف السيد لعمامرة، ملاحظات بروكسل حول قضية حقوق الإنسان في الجزائر بـ"التدخل" مطالبا باحترام السيادة الوطنية. وقال "إن كان هناك شبه ثقافة تسمح بالتدخل في شؤون القضاء فذلك ليس من ثقافتنا نحن في الجزائر".
وأكد أن الجزائر حريصة على الاحترام المتبادل مع شريكها الأوروبي، وعليه فهي تطالبه باحترام سيادتها الوطنية، مضيفا في هذا الصدد "لقد وضعنا النقاط على الحروف : الاحترام المتبادل وتوازن المصالح"، وأكد أن الوقت قد حان لتغيير مواقف الاتحاد الأوروبي إزاء الجزائر.
واعتبر أن الحوار السياسي القائم بين الطرفين منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ سنة 2005، يكتسي في السياق ذاته "أهمية بالغة" ويجب أن يتواصل من أجل التوصل إلى احترام متبادل بين الشريكين.
ودعت الجزائر من جهة أخرى إلى تصور شامل ومتضامن في مجال مكافحة الإرهاب، مجددة دعوتها لتبنّي معاهدة دولية وتجريم دفع الفدية، كما أكدت دعمها للجهود الهادفة إلى الوقاية من هذه الآفة خاصة ما تعلق بمحاربة التطرف.
وطالبت الاتحاد الأوروبي بدعم الآلية الإفريقية للتعاون الأمني (أفريبول)، والمركز الإفريقي للبحث حول الإرهاب، مجددة التزامها بتعزيز تعاونها مع كافة الهيئات المعنية بالوقاية من المخاطر الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية. كما دعت في بيان المجلس إلى العمل من أجل تبنّي مخطط عمل خماسي جديد يهدف إلى ضمان إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
للإشارة وقّع الطرفان بالمناسبة على اتفاق إطار لتمويل بحوالي 140 مليون أورو لتمويل مشاريع في قطاعي العدالة والتشغيل، ودعم عمليات تنويع الاقتصاد.
وتحت عنوان الإطار الوحيد للدعم، ستغطي مذكرة التفاهم هذه الفترة 2014-2017، لتمويل على وجه الخصوص الأعمال المنجزة في إطار إصلاح العدالة والمشاركة المواطنية وتنويع الاقتصاد، وكذا تلك المرتبطة بسوق العمل واستحداث مناصب الشغل.
كما وقّعا بروتوكول اتفاق حول المشاركة الجزائرية في برامج الاتحاد الأوروبي المفتوحة للبلدان الأخرى، سيسمح بوضع مبادئ هذه المشاركة خاصة في برامج تحويل التكنولوجيا وتبادل الخبرات.
وحسب السيد لعمامرة، فإن هذين الاتفاقين يدخلان في إطار تنفيذ اتفاق الشراكة الذي يخصص تمويلات أوروبية لتحقيق عدد من البرامج والمشاريع في الجزائر. وقال "إنها طريقة للقول بأن اتفاق الشراكة ليس تصورا فحسب بل أداة ملموسة لدعم جهود الإصلاح وتنمية الاقتصاد في الجزائر".
وأكد في هذا الشأن  أن "هذه المساهمات المالية الأوروبية التي من شأنها أن تدعم جهودنا التنموية مرحب بها في الجزائر، التي تواجه مشاكل ناجمة عن الانخفاض الكبير لأسعار النفط"، مضيفا "أن هذين الاتفاقين جاءا في الوقت المناسب في السياق الحالي لدعم جهود الحكومة الجزائرية".
من جهتها، أكدت السيدة موغريني، أن هذين الاتفاقين سيدعمان بشكل ملموس التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي".   
وأبدت الجزائر اهتماما خاصا للحوار والتشاور مع الشريك الأوروبي بشأن المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
في هذا السياق، دعت الجزائر بصفتها البلد الذي قاد الوساطة الدولية من أجل الخروج من الأزمة في مالي، الاتحاد الأوروبي الذي انضم إلى هذا المسار لمواصلة مساهمته في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في هذا البلد.
وبخصوص الوضع في ليبيا، أكدت الجزائر دعمها التام للحوار السياسي الشامل بين الأطراف الليبية ومساندتها لجهود المبعوث الخاص للأمين العام الأممي لليبيا برناردينو ليون.
في السياق أكد السيد لعمامرة، أن الجزائر ستبذل قصارى جهدها لإنجاح الحوار الليبي الشامل الجاري حاليا في أراضيها، مضيفا أن إخفاق هذا المسار "ليس خيارا مطروحا".
كما استعرض النقاط التي اتفق عليها مع الجانب الأوروبي بخصوص هذا الملف والتي تتمثل أساسا في أربعة مبادئ أساسية، هي أن الحل للأزمة الليبية يجب أن يكون من صلاحيات الليبيين أنفسهم، وأن يستبعد الحل العسكري، إضافة إلى دعم الجهد المبذول من طرف الأمم المتحدة وتضافر جهود
بلدان جوار ليبيا، باعتبارها طرفا في الحل وليست طرفا في المشكل.
وفيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية، جددت الجزائر دعمها لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي للصحراء الغربية كريستوفر روس، من أجل تسوية عادلة ونهائية لهذا النزاع يقوم على تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، داعية الاتحاد الأوروبي إلى المساهمة في ذلك.
كما جددت الجزائر دعوتها لصالح إيجاد حل عادل ودائم ونهائي للقضية الفلسطينية في إطار اللوائح الأممية، ودعت الشريك الأوروبي إلى لعب دور سياسي مكثّف من أجل بعث جدي لمفاوضات السلام بالشرق الأوسط.
وعن الوضع في سوريا، دعت إلى الوقف الفوري لأعمال العنف والاقتتال من أجل وضع حد لمعاناة الشعب السوري، داعية جميع الأطراف إلى الانضمام إلى مسار المفاوضات استنادا إلى تصريح جنيف.
أما حول تطورات الوضع في اليمن، فأكدت الجزائر تضامنها مع الشعب اليمني، داعية إلى تفضيل الحوار وإلى حل سياسي، منوهة في هذا الصدد بموقف الاتحاد الأوروبي الداعي إلى إيجاد حل سياسي.
كما كان لموضوع الهجرة بحوض المتوسط حيز في الاجتماع، حيث دعت الجزائر التي تحولت من بلد عبور إلى بلد استقبال إلى وضع استراتيجية شاملة للهجرة تشمل الجوانب الأمنية المتعلقة بمكافحة الشبكات الإجرامية لاستغلال البشر، والعمل على ترقية تنقل الأشخاص واحترام الكرامة الإنسانية والتعاون مع البلدان الأصلية وتنميتها.
من جهة أخرى أعربت الجزائر عن قلقها بشأن تزايد معاداة والإسلام والأجانب لدى بعض التيارات السياسية في بعض الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، داعية في هذا الصدد إلى ضمان حماية الجاليات الأجنبية خاصة المغاربية منها والتي هي عرضة لهذه الظاهرة.
وأعربت الجزائر التي حققت ما يقارب جل أهداف الألفية للتنمية، عن أملها في أن يفي الشركاء الدوليون للتنمية لاسيما الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالتزاماتهم، وأن يساهموا في دعم التنمية خاصة لصالح البلدان الإفريقية.