الروائي رشيد بوجدرة لـ ”المساء”:

علاقتي بالكتابة.. عضوية

علاقتي بالكتابة.. عضوية
  • القراءات: 2817
 حاورته: حنان. س حاورته: حنان. س

يتحدث الروائي الكبير رشيد بوجدرة في هذا الحوار عن آخر عمل أدبي له تحت الطبع، وصفه بالرواية البوجدرية، اختار لها عنوان ”صقيع الربيع” وضمنها موقفه، مما سُمي إعلاميا بـ«الربيع العربي”، كما يتحدّث في لقائه مع ”المساء” على هامش ندوة تكريمية أقيمت مؤخرا ببومرداس للروائي الراحل رشيد ميموني، عن فوضى دور النشر وسوء التوزيع، مما يؤثّر سلبيا على الكاتب والقارئ على السواء، مشككا في الأصوات القائلة بتراجع المقروئية في مجتمعنا.

 كيف هي حاليا علاقتكم بالكتابة؟

سؤال صعب في الحقيقة، وكيف لي أن أجيب عنه إذ لم يسبق أن سألته شخصيا على نفسي؟ لكنني أقول بأنها علاقة عضوية وحساسة بل علاقة حياتية، إذ لا يمكنني الابتعاد عن عالم الكتابة، مستحيل أن أتصور نفسي دون كتابة، فأنا أكتب في كلّ وقت وفي أيّ مزاج أكون فيه، سواء كنت في حالة فرح أو ضجر أو غير ذلك، فلا أحس بنفسي إلا وفي يدي قلم وأمامي كومة أوراق أدون عليها..

 كيف هي تلك اللحظات بالنسبة إليكم؟

لحظات من السعادة والنشوة وساعات تنفس، تنفيس وفرح.. لأنّ الكاتب يحمل هموم مجتمعه، إذ لا يمكن له أن ينْفي نفسه في محيطه، لأنه يتفاعل مع مختلف قضايا مجتمعه الاجتماعية والسياسية وغيرها، ويبلور رأيه ورؤاه في رواية يضمنها شخصيات يمكن لها أن تبرز تلك الرؤى في قالب قصصي شيق.

 هذا يعني أن الرواية تتأثر بالمحيط..

صحيح، كيف للروائي أن يبني موضوعا بكامل المواصفات لروايته؟ عليه أن يكون يقظا وعلى اطلاع لما يجري حوله، وبذلك يمكنه إصدار رواية متكاملة المعالم.

 حتى وإن كانت المتغيّرات السياسية أحيانا أسرع من أية متغيرات أخرى!

طبعا، سأصدر قريبا رواية ”صقيع الربيع” فهي الآن تحت الطبع، وهي كناية عن الحراك الشعبي في عدد من الدول العربية الذي أطلق عليه تسمية ”الربيع العربي”.. في الحقيقة لم يكن ربيعا بل شتاء وخرابا، سميه كما شئت، لكنه لم يكن ربيعا، لأن الربيع فصل جميل وتلك الثورات كانت مخربة.

 ماذا تتناولون فيها؟

إنها رواية بوجدرية، يعني يسود فيها المناخ البوجدري، كما أراه أنا سواء في شخوصها أو هوائها أو حتى هوسها، لكن ضمنتها خلفية تاريخية مثلما أؤمن بها أنا، أي ما قلته لك هذا الذي سمي بالربيع العربي - وأنا ضد هذا الربيع-، إنها انتفاضة شباب مثلما حدث في الجزائر سنة 1988... هذا بالنسبة للخلفية، أمّا القصة بحد ذاتها فتتحدّث عن فتاة في الثلاثين من عمرها، عزباء، أستاذة جامعية تعيش بعض المشاكل كامرأة، عاملة ومواطنة..الخ، وهي رواية ستصدر باللغتين العربية والفرنسية، الأولى عن دار ”برزخ” في الجزائر والثانية عن دار ”غراسي” في فرنسا.

 هل تعتقدون أن هناك اليوم جيل يحمل مشعل الكتابة؟

طبعا أكيد، أظن أنّ هناك حركة نشر كبيرة، فالطبقة الجديدة للكتاب مثلما أسميها نشِطة، خاصة أن دور النشر في الجزائر أصبحت موجودة بقوة، مما يسمح للمبدعين في أي مجال بأن يظهروا ويجدوا مكانا لهم في عالم الكتابة والشعر.

 هذا رغم القول بتراجع المقروئية؟

لست أدري إن كان هناك حقيقة تراجع للمقروئية.. أشك في هذا الأمر، لماذا؟ والإجابة تكون بإلقاء نظرة على الصالون الدولي للكتاب في الجزائر الذي أصبح ظاهرة كونية بالنسبة لي، فما عدا صالون فرانكفورت للكتاب، فإن صالون الجزائر يعتبر الثاني عالميا، حسب اعتقادي طبعا، من حيث عدد المشاركين من دور نشر وحتى من طرف الإقبال الكبير عليه من قبل المواطنين من داخل وخارج الوطن، وهو الصالون الأول مغاربيا وإفريقيا وحتى عربيا...

والأكيد أن تحقيق رقم مليونين ونصف مليون زائر في صالون الكتاب بالجزائر في ظرف 10 أيام، رقم عظيم.. والكتب تشترى لتُقرأ أكيد، كما أؤكد على وجود ازدحام في المكتبات بكبرى المدن وهذا ما وقفت عليه شخصيا، ومن ذلك مكتبة ”كلمة” بالعاصمة القريبة من منزلي، حيث أقف على حركية اقتناء الكتاب فيها وألاحظ شغف الناس بالمطالعة في شتى الميادين.. ربّما الإشكال يطرح في عدد المكتبات، فأحيانا بمدينة كبيرة نجد مكتبة واحدة، مما ينعكس سلبا على اقتناء الكتب، وأذكر هنا مدينة قسنطينة التي بها مكتبة واحدة وهو ما أعتبره عيبا وبمدينة وهران 3 مكتبات..

هل هذه دعوة منكم لدعم عدد المكتبات في المدن؟

نعم، ليس فقط فتح مكتبات بالمدن وإنما خلق نشاطات أدبية دورية تعنى بالترويج للروايات والشعر، لأن هناك ناس يحبون هذا اللون الأدبي، ويستوقفني البعض في الشارع يسألونني عن نقاط بيع أعمالي لاقتنائها، أو يطلبون مني ”أين أجد روايتك الأخيرة”، وفي بعض الأحيان عندما ينفد عدد الروايات المُحدّد في مكتبة ما، فالمكتبي لا يشتري أعدادا أخرى منها بسبب سوء التوزيع، فأعتبر التوزيع في الجزائر ”صفر”.

  هل تقصدون أن الخطأ هنا لا يكمن في إقبال القارئ وإنما في سوء التوزيع؟

صحيح، وأرى أنه منذ أُغلقت دور النشر العمومية انتهى التوزيع، فلما كانت أبواب دور النشر العمومية مثل ”لاسناد” و"إنال”مفتوحة كان التوزيع رائعا، كانت تسحب لنا ككتّاب مثلي والطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوﭭـة ‘رحمهما الله’ بين 25 ألف إلى 50 ألف نسخة وتوزع في كامل القطر الوطني.. اليوم هذا الشيء غير موجود.. هناك فوضى ولا بد من تنظيمها.